زواج عمرو - فتبطل بالنسبة إليه.
وذلك لأن الشارع لم يمض تصرفات الموصى المتبرعة في أمواله بتمليكه بعد موته لغيره في أزيد من ثلث ما يملكه إلا بإجازة الورثة، ولا شك في أن الوصية في غير الواجبات من التبرعات، بل وحتى في الواجبات غير المالي، فلا بد من إخراجها من الثلث فيما إذا لم يجز الورثة كما هو المفروض.
وأما كونها أولا فأولا فإما من جهة تصريح الموصى بذلك بأن قال: خذوا نائبا لي في الحج الذي كان واجبا على وما أديته، وأعطوا زيدا مائتي دينار لزواجه، ثم أعطوا لعمرو كذلك مائتي دينار لزواجه، أو فأعطوا لعمرو أو أعطوا عمروا بعد زواج زيد أو بعد إعطائكم زيدا.
والحاصل: أن الترتيب قد يستفاد من تصريح الموصى بذلك، وقد يستفاد من ظواهر الألفاظ، وقد يستفاد من القرائن الحالية والمقالية، ولو كانت تلك القرينة هو الترتيب الذكرى.
هذا كله فيما إذا كانت الوصية مركبة من الواجب المالي وغيره، وأما إذا كان كلها واجبا غير مالي، أو كان كلها غير واجب أصلا بل كان من التبرعات، أو كان مركبا من الواجب غير المالي وغير الواجب أصلا، فالحق أنها تخرج من الثلث. وإن قيل بأن الواجبات غير المالية كالصلاة والصوم أيضا تخرج من الأصل، ولكن الحق خلافه، لما أشرنا إليه وهو أنها أيضا من التبرعات، وكذلك بعد الفراغ من أنها من الثلث لا من الأصل يكون إخراجها أولا فأولا إن لم يسع الثلث للجميع.
أما إخراج جميع هذه الأقسام الثلاثة - أي فيما إذا كان جميع ما أوصى بها غير واجب أصلا، أو كان جميعها واجبا غير مالي، أو كان مركبا منهما - من الثلث لا من الأصل، فلأنها ليست مثل الديون بحيث يجب إخراجها ولو لم تكن وصية في البين بل وصية تبرعية بها، فلا تنفذ إلا في الثلث إلا بإجازة الورثة