رجعت في الوصية الفلانية أو نقضتها أو فسختها، أو يقول: لا تعطوا فلانا ما أوصيت له به، إلى غير ذلك من الألفاظ التي صريحة في نقض وصيته وفسخها. وإما ما يكون له ظهور عرفي في الرجوع ولو بتوسط القرينة مثل أن يقول للدلال: اجعله في معرض البيع.
والثاني: إما بفعل ما يخرجه عن ملكه إما شرعا، كنقله بأحد النوافل الشرعية إلى الغير، مثل أن يبيع العين الموصى بها أو يهبها أو يصالح عليه أو يقرضها أو يخرجها عن ملكه بأن يعتقها أو يوقفها، ففي جميع ذلك لا يبقى محل ومجال لكونها وصية، لأن الوصية عبارة عن كون المال الموصى به باقيا تحت سلطنته وفي ملكه إلى زمان الموت، ثم بالموت منضما إلى قبول الموصى له يصير ملكا له فلو نقل إلى غيره شرعا أو وقع عليه التلف بإتلاف أو تلف سماوي لا يمكن بقاؤه وصية.
وخلاصة الكلام: أن عقد الوصية جائز من طرفه، فله الرجوع ما دام فيه الروح، سواء كان بالقول أو بالفعل. وإذا كان بالقول لا بد وأن يكون له ظهور عرفي في الرجوع وإن كان بواسطة القرينة، وذلك لحجية الظهورات في الكشف عن المراد.
وأما إن كان بالفعل، فتارة بإعدام الموضوع حقيقة وهو إما بإتلاف تكوينا أو بنقله بأحد النواقل شرعا إلى غيره، وأخرى جعله في معرض البيع وإن لم يبع فعلا ولكن وضعه في السوق في دكانه كسائر الأجناس التي في معرض البيع، وثالثة يكتب إعلان ويعلق أن الدار الفلانية في معرض البيع وقد كان أوصى بها لشخص.
ثم إن الرجوع تارة يكون في أصل الوصية، وأخرى في بعض جهاتها وكيفياتها ومتعلقاتها، فله تبديل الموصى به كلا أم بعضا مثل إن كانت وصيته أن يعطي داره لولده الأكبر مثلا، فغير الموصى به وجعله بستانه أو دكانه مثلا، هذا في تبديل الكل.
وأما تبديل البعض بأن كانت وصيته إعطاء كتبه لولده الفلاني مطبوعا ومخطوطا، ثم يغير ويستثني المخطوط ويجعل بدله ألبسته أو فراشه