للإيجاب، لأنها تبرع محض، فلا يتفاوت الحال فيها بين قبول الكل والبعض (1).
وحاصل كلامه: أنها ليست من المعاوضات - كي يقال بأنه قصد تبديل الكل بعوض كذا، وأما تبديل مقدار منه جزءا أو كسرا مشاعا مثل نصفه أو ثلثه بمقدار من العوض فليس بمقصود أصلا - بل قصد تمليكه لهذا المجموع بلا عوض، وحيث أن التملك قهرا وبدون قبوله ورضاه لا يمكن إلا بأسباب خاصة وفي موارد مخصوصة كالإرث وغيره، فيحتاج إلى قبول، فأي مقدار منها قبل يصير ملكه، وأي مقدار لم يقبل يبقى على ملك الموصى، سواء كان ذلك المقدار الذي يقبله موجودا مستقلا غير مربوط بالآخر الذي لم يقبله، أو كان جزءا للوصية أو كسرا مشاعا لها.
فلو قال: كتبي لزيد مثلا بعد وفاتي، فقبل بعضا معينا منها أو كسرا مشاعا مثل النصف أو الثلث أو الربع منها، صح في الكل. هذا ما ذكروه.
حتى أنه ذكر في جامع المقاصد في هذا المقام بعد قوله " بأن الوصية صح فيما قبل وبطل فيما رد ": ولم ينظر إلى التضرر بالشركة لو كان الموصى به شيئا واحدا (2) فحكمهم بالصحة فيما قبل والبطلان فيما يرد مطلق شامل لجميع الأفراد، سواء كان الموصى به متعددا أو كان شيئا واحدا، كان قابلا للقسمة أو لم يكن كفص من عقيق أو من ياقوت أو من غيرهما.
ولكن الإنصاف أنه لو كان الموصى به مركبا من أجزاء أو من جزئين، بحيث يكون بعض أجزائه أو أحد جزئيه لو انفصل لو يبق قيمة معتد للباقي منها أو منهما، مثل ما لو أوصى بساعة فقبل الموصى له بعض أجزائها التي من أركانها ورد الباقي في الفرض الأول، أو أوصى حذاء لشخص فقبل النعل الذي للرجل الأيمن مثلا ورد الآخر في الفرض الثاني، فالقول بصحتها فيما قبل وبطلانها فيما رد لا يخلو من تأمل بل