بل لا يصدق المطاوعة والقبول إلا بعد تحقق الإيجاب ثم قاس المقام بأن يبيع ما سيملكه في عدم جوازه.
وأنت خبير بأن المقام ليس من ذلك القبيل.
أما أولا: فلأن المقيس عليه يمكن أن يكون باطلا من جهة النهي عن بيع ما ليس عنده، ولا شك في أن الذي سيملكه مضافا إلى أنه يمكن أن لا يملكه لحادث من الحوادث حال البيع لا يملكه فيصدق عليه أنه من بيع ما ليس عنده، بخلاف المقام فإنه يملكه وله السلطنة على ماله، فيملكه بحيث ينتقل إلى الموصى له بعد وفاته، وهذا ليس مانع شرعي ولا عقلي.
وثانيا: ليس له السلطنة على مال الغير كي يبيعه، لأنه لا مالك حال البيع، ولا وكيل من قبل المالك، ولا ولى عليه فهو أجنبي عن هذا المال.
وثالثا: حقيقة البيع هو تبديل ماله بمال الغير، وهذا هو معنى المعاوضة عند العرف، والذي سيملكه ليس له مال فعلا قبل أن يملكه كي يبدل بمال الغير، فهذا القياس ليس في محله.
وأما ما قاله من أن القبول إما كاشف أو ناقل وجزء السبب، وكلاهما منتفيان هنا.
أما أنه ليس بكاشف، لأن معنى الكاشف هو تحقق الملكية في مقام الثبوت قبل القبول كي يكون القبول كاشفا عنها، وفي المقام لا يمكن ذلك من جهة أن الملكية التي أنشأها الموصى هي بعد الموت، ففي حال الحياة لا يمكن وجودها وثبوتها، فلا يمكن أن يكون القبول كاشفا.
وأما أنه ليس بناقل، لأن معنى الناقل هو أن يكون بوجوده ينتقل الملك إلى الموصى له، وها هنا لا يمكن انتقال المال إلى الموصى له في زمان القبول الذي هو في حال الحياة، لأن الملكية المنشأة بعد الوفاة لا يمكن أن توجد قبلها.