والزم من ماله الشيخ رحمه الله وهو إحدى قولي قولي الشافعي وفي الثاني لا يؤخذ منهم الجزية وهذا عنده تفريع على جواز قتلهم والشيخ رحمه الله أوجب الجزية عليهم وان جاز استنفارهم عملا بعموم الآية وفي رواية حفص عن أبي عبد الله عليه السلام انها سقط عن العقد والشيخ الفاني والمرأة والولدان وقد سلف قال الشيخ رحمه الله ولذلك إذا وقعوا في الأسر جاز للامام قتلهم اما الأعمى لا فالوجه مساواته لهما. مسألة: وتؤخذ من أهل الصوامع والرهبان وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر لا جزية عليهم لنا عموم الامر بأخذ الجزية وقد فرض عمر بن عبد العزيز على رهبان الديارات الجزية على كل راهب دينارين ولأنه كافر صحيح فأدر على أداء الجزية فوجب اخذها منه كالشماس احتجوا بأنهم محقونون بدون الجزية فلا يجب كالنساء ولأنهم لا كسب لهم فأشبهوا الفقراء والجواب عن الأول يمنع المقدمة الأولى وعن الثاني بالمنع من ثبوت الحكم في الأصل. مسألة: و اختلف علمائنا في ايجاب الجزية على المملوك فالمشهور عدم وجوبها عليه ذهب إليه الشيخ رحمه الله وهو قول الجمهور كافة وقال آخرون لا يسقط عنهم الجزية احتج الشيخ رحمه الله بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا جزية على العبد ولان العبد مال فلا يؤخذ منه الجزية كغيره من الحيوان احتج الآخرون بما رواه الجمهور عن علي عليه السلام قال لا تشتروا رقيق أهل الذمة ولا مما في أيديهم لأنهم أهل خراج يتبع بعضهم بعضا ولا يقرن أحدكم بالصغار وبعد ذا نفذه إليه منه ومعناه انه نهى عن شراء رقيق أهل الذمة لأنه إن لم يود عنهم سقط بعض الجزية بغير سبب وان أدى عنهم لحقه الصغار ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الدرداء عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية قال نعم قلت فنؤدي عنه مولاه المسلم الجزية قال نعم انما هو ماله يقيد به إذا اخذ يؤدي عنه قال ابن الجنيد في كتاب النبي صلى الله عليه وآله لمعاذ وعمر بن حزام خذ الجزية من العبد ولأنه مشرك فلا يجوز ان يستوطن دار الاسلام بغير عوض كالحر ولان سيده لو كان مشركا لم يكن من الإقامة الا بعقد الذمة فالعبد أولى ولأنه من أهل الجهاد فلا يسقط عنه الجزية لأنها عوض حقن الدم وهو مباح الدم. فروع: الأول: لا فرق بين ان يكون العبد لمسلم أو ذمي ان قلنا بوجوب الجزية عليه ويؤديها مولاه عنه وبعض الجمهور فرق بينهما لان عبد المسلم لأنما يؤخذ من مولاه فيؤدي إلى اخذ الجزية من المسلم وهو ضعيف لأنه يؤديها عن حقن دم العبد وقد يملك الباقر عليه السلام ذلك نص على اخذها من مولاه. الثاني: لو كان نصفه حرا ونصفه رقا وجب اخذ الجزية عنه فيؤدي هو قدر نصيبه من الحرية ويؤدي مولاه قدر نصفه من الرقية ان قلنا بوجوب الجزية على المملوك والا وجب عليه بقدر الجزية لا غير لأنه حكم يتخير الحلف بالجزية والرق فيقسم على قدرها كالإرث. الثالث: لو أعتق لم يخل حاله من أحد أمرين اما ان كيون حربيا أو من أهل الكتاب فإن كان حربيا لم يقر بالجزية بل يقعر على الاسلام ويرد إلى دار الحرب قاله الشافعي وقال ابن الجنيد منا لا يمكن في اللحوق بدار الحرب بل يسلم ويحبس لان في لحوقه بدار أهل الحرب بعونه لهم على المسلمين ودلالة على عوراتهم وان كان من أهل الكتاب لم يقر في دار الاسلام الا ببذل الجزية أو يسلم فان لم يفعل رد إلى مأمنه بدار الحرب عند الشافعي وحبس عند ابن الجنيد وبالجملة يلزمه الجزية بعد العتق لما يستقبل وهو مذهب عامة العلماء الا ما روى عن أحمد بن حنبل أنه قال يقر بغير جزية سواء كان المعتق له مسلما أو كافرا وما روى عن مالك انه لا جزية عليه ان كان المعتق مسلما والصحيح الأول لما بينا ان الجزية تؤخذ منه لو كان رقا فاخذها منه إذا كان حرا أولى وللعموم الامر بأخذ الجزية ولأنه حر مكلف موسى من أهل القتل فلا يقر في دار الاسلام بغير عوض كالحر الأصلي احتج المخالف بان الولاء شعبة من الرق وهو ثابت عليه وهو غلط لما تقدم.
البحث الثاني: في مقدار الجزية. مسألة: واختلف علمائنا في أن الجزية هل فيها شئ مقدر يجوز تغييره أم لا على أقوال ثلاثة. أحدها: ان فيها مقدرا وهو ما قدره علي عليه السلام الفقير اثنى عشر درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرون وعلى الغني ثمانية وأربعون في كل سنة وبهذا قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين. الثانية: انها متعذرة في طرف القلة دون الكثرة فلا يؤخذ من كل كتابي أقل من دينار واحد ولا مقدر في طرف الزيادة بل ذلك موكول إلى نظر الامام وهو مذهب ابن الجنيد منا واحمد في إحدى الروايات. الثالثة: انها غير مقدرة لا في طرف القلة ولا في طرف الكثرة بل هي منوطة بما يراه الامام من المصلحة وهو الحق عندي واليه ذهب الشيخان وابن إدريس وأكثر علمائنا وهو قول الثوري واحمد في الرواية الثالثة وقال الشافعي انها مقدرة بدينار في حق الغني والفقير لا يجوز النقصان منه ويجوز الزيادة عليها ان بذلها الذمي وقال مالك هي مقدرة في حق الغني بأربعين درهما وفي المتوسط بعشرين درهما وفي حق الفقير بعشرة دراهم لنا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه امر معاذ ان يأخذ ممن كان حالم دينار أو صالح أهل نجران على الفي أحد النصف في صفر والنصف في رجب وضع علي عليه السلام الغني ثمانية وأربعين درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرين وعلى الفقير اثنى عشر درهما وكذلك فعل عمر بن الخطاب وصالح عمر بني تغلب على مثل ما على المسلمين من الصدقة وهذا يدل على عدم التقدير فيه وانها موكولة إلى نظر الامام والا لما اختلف المقادير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن وابن بابوية في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي ان يجوز إلى غيره فقال