وابنه أبو جعفر في كتاب من لا يحضره الفقيه وقواه ابن إدريس بقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى فأوجب هديا للاحصار وأصحابنا أكثرهم قالوا يبعث بهديه الذي ساقه ولم يوجبوا هديا لأنه نحن نقول بموجبها لأنها لا تدل على وجوب هديه بل ما استيسر وهدى السياق كان في هذا الباب إذا ثبت هذا فان ابن إدريس من كلام ابن بابويه ههنا في القران فقال قوله إذا قرر الحج ولا عمرة مراده كل واحد منهما على الافراد ويقرر إلى واحد من الحج أو من العمرة هديا يشعره أو يقلده فيخرج من مكة بذلك وإن لم ذلك واجبا ابتداء ولم يقصد ان يحرم بها جميعا ويقرن بينهما لان هذا مذهب من خالفنا في هذا القران مسألة قد بينا انه إذا اشترط في احرامه ان يحل حبسه جاز له ان يحل إذا ثبت هذا فله ان يتحلل من دون إنفاذ هدى أو ثمن هدى الا ان يكون ساقه وأشعره لو قلده فإنه متى كان كذلك فلينفده فاما إذا لم يكن ساقه واشترط فله التحلل إذا بلغ الهدى محله وبلوغ يوم العيد فإذا كان يوم النحر فليتحلل من جميع ما أحرم منه الا النساء على ما قدمناه وروى المفيد (ره) في مقنعه عن الصادق (ع) المحصور بالمرض ان كان ساق هديا أقام على احرامه حتى يبلغ الهدى محله ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضى المناسك من قابل هذا إذا كان في حجة الاسلام فاما حجة التطوع فإنه ينحر هديه وقد أحل مما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل وإن لم يشأ لم يجب عليه الحج إذ عرفت هذا فان المحصور يفتقر إلى نية التحلل كما دخل في الاحرام بنيته قال ابن إدريس فصل روى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) في المحصور ولم يسق الهدى قال ينسك ويرجع قيل فان لم يجد هديا قال يصوم وإذا تمتع رجل بالعمرة إلى الحج فحبسه سلطان جاير بمكة فلم يطلق عنه إلى يوم النحر فان عليه يلقح الناس بجمع ثم ينصرف إلى منى ويرمي ويذبح ويحلق ولا بأس بحلقه فان دخل عنه يوم النحر فهو مصدود عن الحج ان كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ويسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة وان كان دخل مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه البحث الثالث في حكم الفوات مسألة قد بينا ان من لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحج وهو قول العلماء كافة إذا ثبت هذا فإنه إذا فاته الحج تحلل بطواف وسعى وحلق ويسقط عنه بقية أفعال الحج من الرمي والمبيت ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال ابن عمر بن الخطاب وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومروان بن الحكم ومالك والثوري والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي قال احمد في الرواية الأخرى انه يمضي في حج فاسد وبه قال المزني قال يلزمه جميع أفعال الحج الا الوقوف وقال مالك في رواية أخرى عنه لا يحل بل يقيم على احرامه حتى إذا كان من قابل أتى الحج فوقف وأكمل الحج. في رواية ثالثة عنه ان يحل بعمرة مفردة ولا يجب عليه القضاء لنا انه بقية أفعال الحج ترتب على الوقوف وقد فات فيفوت بفواته ولان وجوب باقي الأفعال مع فوات الحج يحتاج إلى دليل ولم يثبت لأنه قول من سمينا من الصحابة ولم يوجد لهم مخالف فكان اجماعا وما رواه الجمهور عن عمر أنه قال لأبي أيوب حين فاته الحج اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد طلبت فان أدركت الحج قابلا حج واهد ما استيسر من الهدى وعن ابن عمر نحو ذلك وحج بن الأسود من الشام فقدم يوم النحر فقال له عمر ما حبسك فقال حسبت ان اليوم عرفه قال فانطلق إلى البيت فطف به سبعا وأنت كانت معك هديه فانحرها ثم إذا كان عام قبل فاحجج فان وجدت سعة فاهد وإن لم تجد فصام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل جاء حاجا فاته الحج ولم يكن طاف قال يقيم مع الناس حراما أيام التشريق والعمرة فيهما فإذا انقضت طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم وقول المزني لا وجه له لان الآية يتبع بالأفعال الباقية لا يخرج عن العهدة فلا فايدة فيها وقياسه على المفسد باطل لان الجناية وقعت هناك من المفسد فكان التفريط من قبله بخلاف الفوات وقول مالك باطل لأنه ضرر عظيم مسألة إذا فاته الحج جعل حجه عمرة مفردة فيطوف ويسعى ويحلق قاله علماؤنا اجمع وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعطا واحمد وأصحاب الرأي وقال مالك والشافعي لا يعتبر احرامه بعمرة بل يتحلل بطواف وسعى وحلاق لنا ما رواه الجمهور عن عطا ان النبي صلى الله عليه وآله قال من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة وليحج من قابل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان قال سألت أبا الحسن (ع) عن الذي إذا أدرك الناس فقد أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج والعمرة له وان أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له وانشاء يقيم بمكة أقام وان شاء يرجع إلى أهله رجع وعليه الحج من قابل وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال من أدرك جمعا فقد أدرك الحج قال وقال أبو عبد الله (ع) أيما حاج سايق الهدى أو مفرد للحج أو ممتع بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل ولأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات فمع الفوات أولى ولان الاتيان ببقية الأفعال على انها باطل لفواته فيتعين العمرة لأنه لا خروج عن أحد النسكين احتج الشافعي بأنه أحرم أحد النسكين فلا ينقلب إلى الاخر كما لو أحرم بالعمرة والجواب الفرق فوات الحج وامكان الاتيان بالعمرة من غير فوات لوقتها فلا حاجه إلى القلاب احرامها بخلاف الحج فرع لابد عن نية الاعتماد وخالف فيه قوم من الجمهور وأوجب الاتيان بأفعالها وليس بجيد لأنه عملا فلا بد فيه من نية ويجب اسناده إلى أحد النسكين وفقد فات الحج فيبقى العمرة مسألة إذا فاته الحج استحب له المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق وليس عليه شئ من أفعال
(٨٥٢)