على وجهين أحدهما ان يصالحهم الامام ان الأرض لهم ويأخذ منهم الخراج عليها فهي مما يجوز اقرارهم على بيعهم وكنايسهم وبيوت نيرانهم ومجتمع عبادتهم واحداث ما شاؤوا في ذلك فيها وان شاؤوا إظهار الخمور فيها والخنازير وضرب الناقوس كيف شاؤوا لان الملك لهم يمنعون من الأشياء الستة التي قدمناها من الزنا بالمسلمين واللواط وافتتان المسلم على دينه وقطع الطريق وأبوا عن المشركين واعانتهم على المسلمين الثاني ان يصالحهم على أن الأرض للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا بسكناهم فيها والحكم في البيع والكنايس على ما يقع عليه الصلح فان شرط لهم اقرارهم على البيع والكنايس وعلى احداث ذلك وانشائه جاز لأنه إذا جاز ان يصالحهم على أن يكون بأجمعها لهم جاز على أن يكون بعض الأرض بطريق الأولى وان شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها جاز ذلك أيضا ولو لم يشترط شيئا لم يجز لهم تجديد شئ لان الأرض للمسلمين وإذا شرط لهم التجديد والاحداث فينبغي ان يعين مواضع البيع والكنايس إذا ثبت هذا فكان موضع لا يجوز لهم احداث شئ فيه إذا أحدثوا فيه جاز نقضه ويجزيه كل موضع لهم اقراره لا يجوز هدمه فلو انهدم هل يجوز لهم اعادته تردد الشيخ رحمه الله في المبسوط وفي ذلك وقال الشافعي يجوز لهم اعادته وبه قال أبو حنيفة وقال ابن أبي هريرة لا يجوز لهم ذلك وهو قول ابن سعيد الإصطخري وعن أحمد روايتان احتج الشافعي انهم يقرون عليها و بناؤها كاستدامتها ولهذا يجوز تشييد حيطانها ورمم ما سعب منها ولانا قررنا على التقضية فلو منعناهم من العمارة لخربت واحتج الآخرون بأنه احداث للبيع والكنايس في دار الاسلام فلم يجز كما لو ابتداء بناؤها ولقول النبي صلى الله عليه وآله لا يبنين الكنيسة في الاسلام ولا تجدد ما ضرب منها وهذا الخلاف رمم ما سعب لأنه أيقام استدامة هذا احداث إذا عرفت هذا فقد وقع الاتفاق على جواز ما سغب منها واصلاحه مسألة: دور أهل الذمة على أقسام ثلاثة أحدها دار محدثة الثاني دار مبتاعة الثالث دار محدودة فالمحدثة هو ان يشتري عرصة يستأنف منها بيتا فليس له ان يعلو على بناء المسلمين اجماعا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ولان في ذلك ريبة على المسلمين وأهل الذمة ممنوعون من ذلك ولهذا منعناهم من صدور المجالس وهل يجوزان يساوي بناء المسلمين قال الشيخ رحمه الله ليس له ذلك بل يجب ان يقصر عنه وللشافعي وجهان أحدهما هذا والثاني انه يجوز ذلك لنا قوله عليه السلام الاسلام يعلوا ولا يعلى عليه ولا يتحقق على الاسلام بالمساواة ولانا منعناهم من المساواة للمسلمين في اللباس والمركوب فكذا هنا احتجوا بأنه ليس المستطيل من المسلمين على المسلمين والجواب القول بموجبه لكنا نقول إنه كما يمنع من الاستطالة يمنع في المساواة لما تقد م واما الدار المبتاعة فإنها تترك على حالها من العلو ان كانت أعلى من بناء المسلمين لأنه هكذا ملككها ولا يجب هدمها لأنها لم يبنها وانما بناها المسلمون فلم يعمل على المسلمين شيئا وكذا لو كان الذمي دارا عالية فاشترى المسلم دارا إلى جانبها اقصر منها فإنه لا يجب على الذمي هدم علوه اما لو انهدمت دار الذمي العالية فأراد تجديدها لم يجز له العلو على المسلم اجماعا ولا المساواة على الخلاف وكذا لو انهدم ما على لها وارتفع فإنه لا يكون له اعادته ولو سعت منه شئ ولم ينهدم جاز له رمه واصلاحه لأنه استدامة وابقاء لا تجديد واما المحدودة فكالمحدثة سواء وقد تقدم إذا عرفت هذا فإنه لا يجب ان يكون اقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك البلد وانما يلزمه ان يقصره عن بناء محلته. مسألة: لا ينبغي تصدير أهل الذمة في المجالس ولا يبدأ بهم في السلام لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لا تبدؤوا اليهود والنصارى وإذا التقيتم أحدهم في الطريق فاضطررتم إذا أضيقها وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال انا عادون عدا فلا تبدؤهم بالسلام فان سلموا عليكم فقولوا عليكم وعن عايشة قالت دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا السام عليكم فقالت عائشة ففهمتها فقلت وعليكم السام واللعنة والسخط فقال عليه السلام مهلا يا عايشة فان الله تعالى يحب الرفق في الأمور كلها فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله لم تسمع ما قالوا فقال قولي وعليكم إذا ثبت هذا فان كيفية الرد كما نقل عنه عليه السلام وهو أن لا يزيد قوله وعليكم. مسألة: مصرف الجزية مصرف الغنيمة سواء للمجاهدين وكذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الاسلام لأنه مأخوذ من أهل الشرك وروي الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال سألت عن سير الامام في الأرض التي فتحت بعد رسول الله عليه السلام فقال إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق يسره فهم امام لسائر الأرضين وقال إن ارض الجزية لا ترفع عنهم الجزية عطاء المهاجرين والصدقات لأهلها الذين سمى الله في كتابه ليس لهم في الجزية ثم قال اما وسع العدل ان الناس يسعون إذا عدل منهم وتنزل السماء ورقها ويخرج الأرض بركتها بإذن الله تعالى ولأنه مال اخذ بالقهر والغلبة فيكون مصرفه المجاهدين كالغنيمة في دار الحرب.
المقصد السابع: في المهادنة واحكامها وتبديل أهل الذمة دينهم ونقض العهد والحكم من المعاهدين والمهادنين وفيه مباحث. مسألة: الهدنة والمواعدة والمعاهدة ألفاظ مترادفة معناها وضع القتال وترك الحرب إلى مدة بعوض وغير عوض وهي مشروطة بالنص والاجماع قال الله تعالى براءة من الله ورسوله إلى اللذين عاهدتم من المشركين وقال تعالى فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم وقال تعالى وان جنحوا للسلم فاجنح لها وروى الجمهور عن هارون وسور بن محرمة ان النبي صالح سهيل بن عمرو لخدمة على وضع القتال عنه سنين ولان الحاجة قد تدعو إلى ذلك لضعف المسلمين على المقاومة وعادتهم ان يقوى المسلمون ولا خلاف في جواز ذلك إذا ثبت هذا فإنها يجوز المهادنة مع المصلحة للمسلمين اما لضعفهم عن المقاومة