إذا تحلل المصدود بالهدى وكان واجبا قضى ما تحلل منه ان كان حجا وجب عليه حج لا غير وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجب عليه قضاء حجة وعمرة معا لنا انه أحصر عن الحج فلا يلزمه غيره كمن أحصر عن العمرة فلا يلزمه غيرها احتج أبو حنيفة بقوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى إلى قوله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج لكن العمرة في القضاء معرفا بالألف واللام فدل ذلك على عمرة معهودة واجبة عليه وليست تلك العمرة الواجبة الا بالصد ولان المصدود عن الحج وفات الحج يتحلل بأفعال العمرة فإذا لم يأت بأفعال العمرة في الحال يجب عليه قضاؤها والجواب عن الأول بالمنع من العود إلى ما ذكرتم وعن الثاني ان التحلل للمصدود اما ان يكون بالعمرة ان فاته الوقت والا في الهدى والحاصل انا يمنع ان حكمه حكم فات الحج مطلقا مسألة الصدقة يتحقق في العمرة وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يتحقق لنا قوله وأتموا الحج والعمرة لله فان أحضرتم فما استيسر من الهدى ذكر ذلك عقيبهما فينصرف إلى كل واحد منهما كما انصرف إلى أحدهما لعدم الأولوية وعن ابن مسعود انه سئل عن معتمر لدغ فقال أبقوا عنه هديا فإذا ذبح عنه فقد حل ولان النبي صلى الله عليه وآله لما صد كان معتمرا ولأنه عجز عن الأداء للحال وفي البقاء على الاحرام مدة غير معلومة حرج عظيم فأبيح له التحلل بالهدى كما في الحج ولأنه أبيح له التحلل بالهدى في أعلى العبادتين فيباح له في أدناهما احتج بأنه ليس لها وقت معلوم فيمكنه المكث إلى أن يزول الاحصار ثم يؤدي والجواب انه يلزمه من الحرج لعدم العلم بالقائه البحث الثاني في المحصور مسألة قد بينا ان الحصر هو المنع بسبب المرض اما عن الوصول إلى مكة أو عن الموقفين كما قلنا في الصد إذا ثبت هذا فان الحاج من حصره المرض بحيث لا يمكن معه من النفوذ إلى مكة بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح فإن كان قد ساق هديا بعث ما ساقه وإن لم يكن قد ساق بعث هديا أو ثمنه ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله وهو متى ان كان حاجا ومكة ان كان معتمرا فإذا بلغ الهدى محله أحل من كل شئ الا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر من يطوف عنه فيحل له النساء حينئذ ذهب إليه علماؤنا اجمع وبه قال إن مسعود وعطا والثوري والنخعي واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي الا انهم لم يعتبروا طواف النساء بل قالوا يحل بالبلوغ إلى المحل وقال الشافعي لا يجوز له التحلل ابدا إلى أن يأتي به فان فاته الحج تحلل بعمرة وبه قال ابن عمر وابن عباس والمزني ومالك واحمد في الرواية الأخرى لنا قوله تعالى فان أحصرتم فما استيسر من الهدى لان الاحصار انما هو للمرض ونحوه يقال أحصره المرض احصارا فهو محصر وحصر العدو حصرا فهو محصور قال الفرا أحضره المرض لا غير وحصره العدو وأحصر معا وهو نص في محل النزاع كما هو متناول للصد بالعدو وما رواه الجمهور عن عكرمة عن حجاج بن عمير الأنصاري ان النبي صلى الله عليه وآله قال من كسر وعرج فقد حل وعليه حجة أخرى وفي بعضها وعليه الحج من قابل ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل حصر فبعث بالهدى قال يواعد أصحابه ميعادا فإن كان في حج فمحل الهدى النحر وانما كان يوم النحر فليقصر من رأسه ولا يجب الحلق حتى يقضى مناسكه وان كان في عمرة فينظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة قصر وأحل فان مرض في الطريق بعد ما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله رجع ونحر بدنه ان أقام مكانه وان كان في عمرة فإذا برء فعليه العمرة واجبة وان كان عليه الحج رجع إلى أهله وأقام ففاته الحج وكان عليه الحج من قابل فان ردوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد حل لم يكن عليه شئ ولكن يبعث من قابل وينسك أيضا قال الحسين بن علي (ع) خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ علي (ع) وهو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السقيا وهو مريض فقال يا بني ما تشتكي فقال اشتكى رأسي فدعا علي (ع) ببدنه فنحرها وحلو رأسه ورده إلى المدينة فلما برء من وجعه اعتمر فقلت له أرأيت حين برء من وجعه أحل له النساء حتى يطوف بالبيت وسعى يبن الصفا والمروة قلت فما بال النبي صلى الله عليه وآله حيث رجع إلى المدينة حل له النساء ولم يطف بالبيت فقال ليس هذا مثل هذا النبي صلى الله عليه وآله كان مصدودا والحسين (ع) كان محصورا ولأنه ممنوع عن البيت فأشبه المصدود بالعدو ولان الصبر ضرر عظيم خصوصا مع احتياجه إلى الملبوس للمرض أو المشروب لما فيه طيب أو استعمال الادهان وغير ذلك من الأسباب المحرمة فلو لم يبح له الاحلال لزم الضرر بالترك أو بالفداء في كل محرم احتجوا بأنه لا يستفيد بالاحلال الانتقال من حاله ولا التخلص من الأذى الذي به بخلاف حصر العدو والجواب المنع من عدم الانتقال وعدم التخلص من الأذى لا يمنع من التحلل مسألة قد بينا انه يبعث هديه وينظر وصوله إلى المحل الذي يذبحه به اما مكة ان كان معتمرا أو منى ان كان حاجا فإذا كان يوم المواعد قصر من شعر رأسه وأحل من كل شئ أحرم منه الا النساء فإنهن لا يحلن له حتى يحج في القابل ويطوف طواف النساء ان كان الحج واجبا أو يطاف عنه في القابل ان كان الحج تطوعا قاله علماؤنا ولم يعتبر الجمهور ذلك بل حكم بعضهم بجواز الاحلال مطلقا وآخرون بالمنع مطلقا على ما بينا ان النساء حرمن عليه بالاحرام فيستصحب الحكم إلى أن يزيله دليل وما تقدم في حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) وما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال المحصور غير المصدود فان المحصور هو المريض ان قال المحصور والمصدود يحل له النساء والمحصور لا يحل له النساء مسألة ولو وجد المحصور من نفسه حفه بعد أن بعث هديه وأمكنه المسير إلى مكة فليلحق بأصحابه لأنه محرم بأحد النسكين فيجب عليه اتمامه للآية والتقدير انه متمكن إذا ثبت هذا فان أدرك الحج وليس عليه الحج من قابل وإن لم يدرك أحد الموقفين في وقته فقد فات الحج فكان عليه الحج من قابل و
(٨٥٠)