فعموم كلام الشيخ (ره) يقتضي ان لهما المنع كالحرين عملا بالعموم ولأنهما أبوان مسلمان فكانا كالحرين وقبل لا اعتبار بإذنهما لأنه لا ولاية لهما. الثالث:
لو كانا مجنونين لم يكن بهما اعتبار ولا اذن لهما لعدم امكان استيذانهما. الرابع: لو سافر لطلب العلم أو التجارة استحب له استيذانهما وان لا يخرج من دونهما ولو منعاه لم يحرم عليه مخالفتهما وفارق الجهاد لان الغالب فيه الهلاك وهذا الغالب منه السلامة. مسألة: لو خرج في جهاد تطوعا بإذنهما فمنعاه منه بعد سيره وقيل وجوبه كان عليه ان يرجع لان لهما منعه في الابتداء وكا في الأثناء كساير الموانع الا ان يخاف على نفسه في الرجوع أو يحدث له عذر من مرض أو ذهاب نفقته ويجوز ذلك فان أمكنه الإقامة في الطريق ولا مضي مع الجيش فإذا حضر الصف تعين عليه بحضوره ولم يبق لهما اذن ولو جافى الاذن بعد وجوبه عليه وتعينه لم يؤثر رجوعهما ولو كانا كافرين فأسلما ومنعاه فإن كان بعد وجوبه وتعينه عليه لم يعتد بمنعمهما وان كان قبله وجب عليه الرجوع مع المكنة وكذا البحث في الغريم إذا اذن للمدين في الجهاد ثم رجع عن الاذن ولو اذن له والداه وشرطا عليه أن لا يقاتل فحضر القتال تعين عليه ولم يعتد بشرطهما لأنه صار واجبا عليه فلا طاعة لهما في تركه ولو خرج بغير اذنهما فحضر القتال ثم بدا له الرجوع لم يجر ذلك. مسألة: قد بينا انه لا جهاد على العبد وان اذن له مولاه صح والا لم يجز ولو اذن له ثم رجع عن الاذن كان حكمه حكم رجوع الأبوين وقد سلف والمراة لا جهاد عليها ويجوز لها ان تخرج لمعونة المسلمين على ما قلناه بشرط اذن الزوج لها في ذلك فقد سلف. مسألة: لو خرج إلى الجهاد ولا عذر له فتجدد العذر فإن كان قبل أن يلتقيا الرجعان كان كوجوده قبل خروجه ان كان العذر في نفسه كالمرض وشبهه يجز في الرجوع والمضي وان كان في غيره مثل ان يرجع صاحب الدين الحال في اذنه والأبوان فيه أو مسلم الأبوان لم يمنعا به فوجب عليه الرجوع الا ان يخاف على نفسه وان حدث بعد التقاء الزحفين فإن كان العذر في نفسه قال الشيخ (ره) كان له الانصراف وهو أحد قولي الشافعي لأنه لا يمكنه القتال فكان له الانصراف وقال في الاخر ليس له الانصراف لأنه كان مخيرا قبل التقاء الزحفين فوجب ان يتعين بعد التقاء الزحفين ولا جامع هنا ولو كان العذر في غيره كرجوع الغريم والأبوين قال الشيخ (ره) ليس له الرجوع لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ولأنه رجوعه وبما كان فيه كثير المسلمين فلا يجوز له الرجوع وهو أحد قولي الشافعي فقال في الاخر له الرجوع ان الثبات فرض وحق الغريم فرض وهو السابق وكان أولى وليس بجيد لان الغريم أسقط حقه من المنع. مسألة: ويستحب له ان يتجنب قبل أبيه المشرك لقوله تعالى وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفا وكف النبي صلى الله عليه وآله حذيفة عن قتل أبيه ويجوز له قتله ولو ظهر منه ما لا يجوز التصبر عليه جاز قتله كسب الله تعالى ورسوله والأئمة عليهم السلام فقد روي أن ابا عبيدة قتل أباه حين سمعه سب رسول الله صلى الله عليه وآله لم قتله قال سمعته يسبك فسكت عنه.
البحث السادس: في الرباط. مسألة:
الرباط فيه فضل كثير وثواب جزيل ومعناه الإقامة عند الشعر لحفظ المسلمين واصله من رباط الخيل لان هؤلاء يربطون خيولهم كل قوم بعد آخرين فسمي المقام بالثغر رابطا وإن لم يكن خيل وفضله متفق عليه روي سلمان رحمه الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول رياط الخيل ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فان مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل واجري عليه رزقه وأمن الفتان وعن فضالة بن عبيد ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال كل ميت يختم على عمله الا المرابط في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان الفترة مسألة: وللرباط طرفان في القلة والكثرة فطرف القلة ثلاثة أيام وطرف الكثرة أربعون يوما فان جاوز الأربعين كان جهادا وثوابه ثواب المجاهدين ولم يكن رباطا اما طرف القلة فاختار الشيخ رحمه الله تعلى وهو قول علمائنا وقال احمد لا طرف له في القلة لنا ان مفهومه انما يصدق بثلاثة أيام غالبا فان المختار في الثغر أو من اقامه به ساعة ميلا لا يقال له في العرف انه مرابط ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الرباط ثلاثة أيام وأكثره أربعون يوما فإذا جاز ذلك فهو جهاد واما طرف الكثرة فمتفق عليه لما قدمناه من حديث زرارة ومحمد بن مسلم عنها عليهما السلام وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال تمام الرباط أربعون يوما مسألة: وانما يستحب المرابط استحبابا مؤكدا في حال ظهور الإمام عليه السلام اما في حال عيبته فإنها مستحبة أيضا استحبابا غير مؤكد لأنها لا تتضمن قتالا بل حفظا واعلاما وكانت مشروعة حال الغيبة وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا لشدة الحاجة هناك وكثرة أنفع بمقامه وكل موضع يعقل للمسلمين يستحب للرجل ان يعتمر به وبأهله وروي عن يونس بن أبي الحسن عليه السلام في حديث قال فليرابط ولا يقاتل قلت مثل قزوين وعسقلان والديلم وما أشبه هذه الثغور قال نعم وروى الجمهور عن الأوزاعي قال أتيت المدينة فسألت من فيها من العلماء فقيل محمد بن المنذر ومحمد بن كعب الفرطي ومحمد بن علي بن عبد الله بن العباس ومحمد بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر عليهم السلام فقلت والله لابد ان به لهم قبلهم إليه فدخلت إليه فأخذ بيدي فقال من أين إخواننا أنت قلت من أهل الشام قال من أيهم قلت من أهل دمشق قال حدثني أبي عن جدي عن رسول الله قال يكون للمسلمين ثلاث معاقل فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي يكون لعمق أنطاكية دمشق ومعقلة