اجماعا إذا كانوا بصفة الشهود ولو شهد وا حد انني أمنته فعلى قول الشيخ (ره) لا يقبل لما ذكره من العلة وعلى قول بعض الجمهور يقبل كما لو قال الحاكم بعد عزله كنت حكمت على فلان بحق فإنه يقبل قوله ولأنه يقبل أمانة فيقبل خبره كالحاكم في حال ولايته وهذا الأخير يتمشى على قول الأوزاعي من أنه يصح له انشاء الأمان بعد الأسر والوجه ما قاله الشيخ (ره) لأنه ليس له ان يؤمنه في الحال فلم يقبل اقراره بما كما لو أقر بحق على غيره. مسألة:
لو جاء مسلم بمشرك فادعى انما اسره وادعى الكافر انه أمنه فالقول قول المسلم لأنه يعضد بالأصل وهو إباحة دم الحربي وعدم الأمان وقيل يقبل قول الأسير لأنه يحتمل صدقه وحقن دمه فيكون هذا أشبه تمنع من قبله وقيل يرجع إلى من يعضده لظاهره فإن كان الكافر ذا قوة ومعه سلاحه فالظاهر صدقه وان كان ضعيفا مسلوبا سلاحه فالظاهر كذبه والوجه الأول ولو صدقه المسلم قال أصحاب الشافعي لا يقبل منه لأنه لا يقدر على أمانه ولا يملكه فلا يقبل اقراره به وقيل يقتل لأنه كافر لم يثبت اسره ولا نازعه فيه منازع فقبل قوله في الأمان. فرع: لو أشرف جيش الاسلام على ظهور فاستندم الخصم جاز مع نظر المصلحة ولو استندوا بعد حصولهم في الأسر فاذن لم يصح على ما قلناه ولو ادعى الحربي الأمان فأنكر المسلم فالقول قول المسلم على ما بينا لان الأصل عدم الأمان واباحته دم المشرك ولو حيل بينه وبين الجواب بموت أو اغماء لم يسمع دعوى الحربي وفي الحالين يرد إلى مأمنه ثم هو حرب.
البحث الرابع: في الاحكام. مسألة: قد بينا ان من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء به ولا يجوز له العدول فان نقضه كان غادرا اثما ويجب على الامام منعه عن النقض ان عرف بالأمان إذا ثبت هذا فلو عقد الحربي الأمان أسكن في دار الاسلام ووجب الوفاء له ويدخل ماله تبعا في الأمان وإن لم يذكره لان الأمان يقتضي الكف عنه واخذ ماله ادخال الضرر عليه وذلك يقتضي الأمان وهو عين سايغ ولا نعلم فيه خلافا ولو شرط الأمان لما له كان ذلك تأكيدا. فروع: الأول: لو دخل حربي دار الاسلام بغير أمان ومعه متاع فالوجه انه حرب ولا أمان له في نفسه ولا في ماله انه لم يوجد أمان فيهما اما لو اعتقد الكافر ان دخوله بمتاعه إلى سبيل التجارة اما إن لم يكن أمانا رد إلى مأمنه وقال بعض الجمهور لو كان معه متاع وقد جرت العادة بدخولهم إلينا تجار بغير أمان لم يعرض لهم وهو حسن بشرط اعتقاد الكفار انه أمان اما مطلقا فلا. الثاني: لو ركب القوم في البحر فاستقبلهم فيه تجار مشركون من ارض العدو ويريدون بلاد الاسلام وقال بعض الجمهور لم يعرضوا لهم ولا يقاتلوهم وفيه نظر. الثالث: من دخل من أهل الحرب بتجارة إلى دار الاسلام يعتقد انه أمان فهو امن حتى يرجع إلى مأمنه على ما بيناه ويعامل بالبيع والشراء ولا يسأل عن شئ وإن لم يكن له معه تجارة وقال جئت مستأمنا فالوجه انه لا يقبل منه ويكون الامام مخيرا فيه وبه قال الأوزاعي والشافعي ولو كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا قيل يكون فينا وقيل يكون لمن اخذه. مسألة: لو دخل الحربي في دار الاسلام بأمان فقد قلنا إنه يدخل ماله في الأمان تبعا وكذا لو شرط الأمان لما له إذا ثبت هذا فلو عاد إلى دار الحرب فإن كان التجارة أو لرسالة أو تنزه في نية العود إلى دار الاسلام فالأمان باق لأنه باق على نية الإقامة في دار الاسلام فهو كالذمي إذا دخل كذلك وان كان للاستيطان بدار الحرب والكون بها بطل الأمان في نفسه وماله لأنه بدخوله دار الاسلام واخذه الأمان ثبت الأمان في ماله الذي معه فإذا بطل في نفسه لمعنى لم يوجد في المال وهو الدخول في دار الحرب بقي الأمان في ماله لان المقتضى للابطال مختص بالنفس دون المال فيختص لبطلانه بما دونه لا يقال الأمان في المال حصل على سبيل التبعية لأمان النفس وقد بطل المتبوع فيبطل التابع بعينه للتبعية لأنا نقول إنه ثبت له الأمان بمعنى وجد فيه وهو ادخاله معه وهو يقتضي ثبوت الأمان له وإن لم يثبت في نفسه كما لو بعثه مع مضارب له أو وكيل فإنه يثبت الأمان ولم يثبت في نفسه ولم يوجد فيه هاهنا ما يقتضي بعض الأمان فيه فيبقى على ما كان عليه عملا بالاستصحاب السالم عن المزمل اما لو اخذه معه إلى دار الحرب فإنه ينتقض الأمان فيه كما ينتقض الأمان فيه كما يتقض الأمان في نفسه لوجود المبطل فيهما معا. فروع: الأول: لو طلبه صاحب بعث به إليه تحقيقا للأمان فيه وان تصرف فيه ببيع أو هبة وغيرهما صح تصرفه. الثاني: لو مات في دار الحرب وقيل انتقل إلي وارثه فإن كان الوارث مسلما ملكه ملكا صحيحا وان كان حربيا انتقل إليه أيضا انتقض الأمان فيه وبه قال أبو حنيفة وقال المزني لا يبطل الأمان بل يكون باقيا وقال أحمد بن حنبل وقال للشافعي قولان لنا انه أمان الكافر ولا أمان بيننا وبينه في نفسه ولا في ماله فيكون كساير أموال أهل الحرب احتج المخالف بان الأمان حق لازم متعلق بالمال فإذا انتقل إلى الوارث انتقل بحقه كساير الحقوق من الرهن والضمان والشفعة والجواب يمنع ملازمته للمال لان الأمان تعلق بصاحبه وقد مات فيزول الأمان المتعلق به. الثالث: إذا مات فقد قلنا إنه يزول اما ماله وحكمه ينتقل إلى الامام خاصة من الفئ لأنه لم يؤخذ بالسيف ولم يرجف عليه بخيل ولا ركاب فهو بمنزلة ميراث من لا وارث له ونقل المزني عن الشافعي أنه يكون غنيمة وليس بجيد لأنه لم يؤخذ بالقهر والغلبة. الرابع: إذا مات في دار الحرب فقد قلنا إنه ينتقض الأمان بانتقاله إلى وارثه إذا ثبت هذا فإنه بموته ينتقل إلى وارثه سواء كان الوارث في دار الاسلام أو في دار الحرب إذا انتقل صار للامام على قلناه وقال الشافعي في إحدى الوجهين لا ينتقل إلى وارثه في دار الاسلام لأنه مع اختلاف الدارين يسقط الميراث وليس بجيد وكذا الذمي إذا مات وله ولد