ذلك إلى الامام يأخذ من كل انسان منهم ما شاء على ما قدر يطيق انما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا فالجزية يؤخذ منهم على قدر ما يطيعون له ان يا خذهم به حتى يسلموا فان الله عز وجل قال حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وكيف يكون صاغرا ولا يكرث لما يؤخذ منه حتى يجد ولا لما أحد منه فينا لم لذلك فيسلم ولأنها عوض فلا يتقدر بقدر كالأجرة احتج أبو حنيفة بان عليا عليه السلام وضعها كذلك وعمر أيضا ولم ينازعهما أحد من الصحابة فكان اجماعا احتج ابن الجنيد بان عليا عليه السلام زاد على ما قرره رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينقص منه قدر على أن الزيادة موكولة إلى نظر الامام دون النقصان لو كان جايزا لأمر النبي صلى الله عليه وآله معاذا به واحتج الشافعي بان النبي صلى الله عليه وآله امر معاذا ان يأخذ من كل حالم دينارا ولم يفصل بين الغنى والفقير والجواب عن الأول بان ذلك لرأي رآه علي عليه السلام و مصلحة اقتضت ما فعله لأنه مقدر ولا يجوز الزيادة عليه ولا النقصان عنه وعن الثاني بذلك وأيضا عن الثالث يجوز ان يكون النبي صلى الله عليه وآله علم من أحوال من بعث معاد إليهم الطاقة لذلك فامره به والجواب عن الرابع. مسئلة: يجب الجزية باخر الحول ويجوز أخذها سلفا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ما دله ويطالب بها عقيب العقد ويجب الثانية في أول الحول الثاني وهذا لنا انه مال يتكرر بتكرر الحول ويؤخذ في اخر كل حول فلا يجب بأوله كالزكاة ولأنه احتج أبو حنيفة بقوله تعالى حتى يعطوا الجزية والجواب المراد بها التزام اعطائها لا نفس الاخذ ولا اعطاء حقيقة ولهذا يحرم قتالهم بمجرد بذل الجزية قبل اخذها اجماعا. مسألة: وتؤخذ الجزية مما ينشر من أموالهم من الايمان والعروض على قدر يمكنهم ولا يلزمهم الامام بمعنى من ذهب أو ذهب وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذا إلى اليمن امره ان يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافري واخذ النبي صلى الله عليه وآله من نصارى نجران الفي حلة وروى عن علي صلى الله عليه وآله انه كان يأخذ الجرية من كل ذي صنعة من متاعه فكان يؤخذ من صاحب الأثر اثرا ومن صاحب المال ماله ومن صاحب (الحبال حبالا) ثم يدعوا الناس فيعطيهم الذهب والفضة فيغنمونه ثم يقول خذوا واقتسموا فيقولون لا حاجة لنا فيه فيقول أخذتم خياره وتركتم شراره ليحمله إذا ثبت هذا فان بذلوا الجزية والتزموا بشرايط الذمة حرم قتالهم لقوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر إلى قوله تعالى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فجعل عطاء الجزية غاية لقتالهم فإذا بذلوها حرم قتالهم ولان النبي صلى الله عليه وآله قال ادعهم إلى الاسلام فان أبوا فادعهم إلى اعطاء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ولا نعلم في ذلك خلافا. مسألة: ولا يتداخل الجزية بل إذا اجتمعت عليه جزيتين أو أكثر استوفى منه اجمع وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يتداخل لنا انه حق مال جيب في اخر كل حول فلا يتداخل كالدية والزكاة واحتج بأنها عقوبة فيتداخل كالحدود والجواب الفرق بما تقدم. مسألة: ويتخير الامام في وضع الجزية على إن شاء على رؤوسهم ان شاء على أرضهم وهل يجوز له ان يجمع بينتهما فيأخذ منهم عن رؤوسهم شيئا قال الشيخان وابن إدريس لا يجوز ذلك بل إن يأخذ من أيهما شاء وقال أبو الصلاح يجوز الجمع بينهما وهو الأقوى عندي لنا ان الجزية عن مقدره وفي طرفي الزيادة والنقصان بل هي موكولة إلى نظر الامام فجاز له ان يأخذ من أرضيهم ورؤسهم كما يجوز له ان يضعف الجزية الني على رؤوسهم في الحول الثاني ولان ذلك سبب بالصغار احتج الشيخان بما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من ارض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم لما عليها في ذلك شئ موظف فقال كان عليهم أجازوا على أنفسهم وليس للامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شيئا وان شاء ففي أموالهم وليس على رؤوسهم شئ فقلت هذا الخمس فقال انما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وعن محمد بن مسلم قال سالت عن أهل الذمة ماذا عليهم فيما يحقنون به دمائهم وأموالهم قال الخراج فان اخذ من رؤوسهم الجزية ولا سبيل على أراضيهم وان اخذ من أراضيهم فلا سبيل على رؤوسهم والجواب نحن نقول بموجب الحديثين ونحملهما على ما إذا صالحهم على قدر فإن شاء اخذه من رؤوسهم ولا شئ له حكم على أراضيهم وبالعكس ليس فيهما دلالة على المنع من المصالحة على أن يأخذ من رؤوسهم و وأراضيهم ابتداء. مسألة: ويجوز ان يشترط عليهم في عقد الذمة ضيافة من يمر بهم من المسلمين ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله اضرب على نصارى ايلمة ثلاثمائة دينار أو كانوا ثلاثمائة نفس في كل سنة وان يضيفوا من (مر بهم) من المسلمين ثلاثة أيام ولا يغش مسلما وشرط على نصارى نجران اقرار بثلاثة وعشرين ليلة فيما دونها من عايريه ثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين درعا مضمونة إذا كان حدث باليمين وشرط عمر بن الخطاب على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة وان يصلحوا القناطر فان قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم دمه وشرط على بعض أهل الجزية ارزاق المسلمين مدين وثلاثة أفساط زيت لكل انسان على أهل الذمة يعني الشام وعلى أهل مصر لكل انسان أردب وشنا من ورك وعسل وعلى أهل العراق يعني السواد خمسة عشر صاعا لكل انسان ولان الحاجة تدعو إليه لأنهم ربما امتنعوا من مبايعة المسلمين معاقدة لهم واضرارا بهم فإذا اشترطت الضيافة عليهم امن ذلك. فروع: الأول: لو لم يشترط الضيافة عليهم لم يكن واجبة وبه قال الشافعي وقال بعض الجمهور يجب بغير شرط لنا ان الأصل عدم الوجوب ولان الأصل الجزية لا يثبت الا بالالتزام
(٩٦٦)