الشرط زال حكم العقد كما لو امتنع من التزام قول الجزية أم الشافعية فاختلفوا في التعليل فقال بعضهم انما لا يكون نقضا لأنه لا ضرر على المسلمين منه وقال آخرون لا يكون نقضا لأنهم يتدينون به إذا ثبت هذا فكل موضع قلنا ينتقض عهدهم فأول ما يعمل انه انه لا يستوفي منه موجب الحرم ثم بعد ذلك يتخير الامام بين القتل والاسترقاق والمن والفداء ويجوز له ان يردهم إلى مأمنهم في دار الحرب ويكونوا حربا لنا بفعل من ذلك ما يراه صلاحا للمسلمين هكذا قال الشيخ رحمه الله وللشافعي قولان أحدها انه يرد إلى مأمنه لأنه دخل دار الاسلام بأمان فوجب رده كما لو دخل بأمان والثاني ان يكون للامام قتله واسترقاقه لأنه كافر لا أمان له فأشبه الحربي المتلصص وهو الأقرب عندي لأنه هذا فعل لا ينافي الأمان بخلاف من أنه صبي فإنه يعتقد انه أمان. السادس: التميز بين المسلمين وينبغي للامام ان يشترط عليهم في عقد الذمة التميز عن المسلمين في أربعة أشياء في لباسهم وشعورهم وركوبهم وكناهم أم لباسهم فهو ان يلبسوا ما يخالف لونه سائر ألوان الثياب فعادة اليهود العلي وعادة النصارى الأدكن وتكون هذا في ثوب واحد لا في جميعها ليقع الفرق وما حدهم ثمد الزنانير في أوساطهم ان كان نصرانيا فوق الثياب وإن لم يكن نصرانيا ألزمه بعلامة أخرى كخرقة يجعلها فوق عمامته أو قلنسوة يخالف لونها لونها ويجوز ان يلبسوا العمامة والطيلسان فان لبسوا قلانسي شذر وفي رأسها علما ليخالف قلانسي القضاة وينبغي ان يختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديد أو يضع فيه جلجلا أو جرسا ليمتاز به عن المسلمين في الحمام وكذلك يأمر نسائهم تلبس شئ يفرق بينهن وبين المسلمات من شد الزنانير ويجب الإزار ويختم في رقبتهن وبغير أحد الخفين بان يكون أحدهما احمر والاخر ابيض لا يمنعون من لبس فاخر الثياب لان التمييز يحصل بما ذكرناه واما الشعور فإنهم لا يفرقون شعورهم لان النبي صلى الله عليه وآله فرق شعره ويحذفون مقاديم رؤوسهم ويجرون شعورهم واما الركوب فلا يركبون الخيل لأنه غر ويركبون ما سواها بغير سرج ويركبون عرضا رجلاه إلى جانب وظهر إلى اخر ويمنعون تقليد السيوف وعملا الصلاح واتخاذه واما الكنى فلا يتكنوا بكنى المسلمين كأبي القاسم وأبي عبد الله وأبي محمد وأبي الحسن وأشباهها ولا يمنعون من الكنى بالكلية فان النبي صلى الله عليه وآله حين دخل على سعد بن عبادة قال ما ترى ما يقول أبو الجناب وقال لأسقف نجران أسلم ابا الحرث. مسألة: قد بينا من انتقض أمانه يتخير الامام فيه بين المن أو القتل أو الاسترقاق أو الفداء فان أسلم قبل أن يختار الامام فيه شيئا سقط عنه ذلك كله الا ما يوجب الحد أو الحقود واستعاد ما اخذ قال الشيخ رحمه الله فان أصحابنا رووا ان اسلامه لا يسقط عنه الحد وجهته انه حق يثبت في ذمته فلا يسقط بالاسلام كالدين ولو أسلم بعد أن استرقه الامام لم ينفعه اسلامه في ترك الاسترقاق وكذا المفاداة فاما المستأمن وهو المعاهد في عرف الفقهاء فهو الذي يكون له أمان بغير دمه فيجوز للامام ان يؤمنه دون الحول بعوض وغير عوض ولو أراد أن يتم حولا وجب عليه العوض فإذا عقد له الأمان فان خاف منه الامام الخيانة بان يؤدي للمشركين عبثا أو يدلهم على عورة فان للامام ان ينبذ إليه الأمان ويرده إلى دار الحرب لقوله تعالى واما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء بخلاف أهل الذمة فإنه لا ينقض ديتهم بخوف الخيانة الا لتزامهم باحكام الاسلام من الحدود وغيرها فيكون ذلك مانعا لهم عن الخيانة والمعاهدون لا يلزمهم حد ولا عقوبة ولا زاجر لهم عن الخيانة فح فجاز لتأييد عهدهم مع خنزير الجناية.
مسألة: ينبغي للامام إذا عقد الذمة ان كتب أسماؤهم وأسماء ابائهم وعدوهم وبحليهم فيقول فلان بن فلان الطويل أو القصير الاسم ولون الأبيض ارجع العينين افتى الانف مقرون الجانبين ان كانوا كذلك والا فيضده ويعرف على كل عشرة منهم عريفا لحفظ من يدخل فيهم ومن يخرج عنهم مثل ان يبلغ صغيرا أو يفق مجنونا أو تقدم غائب أو يسلم واحد أو يموت أو بعثت ويخرج جزيتهم وان تولى ذلك بنفسه كان جايزا. مسألة: إذا عقد لهم الذمة عصموا أنفسهم وأموالهم وأولادهم الأصاغر من القتل والسبي والنهب ما داموا على الذمة لا يتعرض لكنائسهم وخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهروها وإذا ترافعوا إلينا في خصوماتهم تخير الحاكم بين الحكم عليهم وبين ردهم إلى حاكمهم وسيأتي ومن أراق مسلم لهم خمرا أو قتل خنزيرا فإن كان من نظائرهم فلا شئ عليهم والا وجب عليه قيمته عند مستحليه وسيأتي الخلاف فيه أن شاء الله تعالى مسألة: ولا يجوز اخذ الجزية مما لا يسوغ للمسلمين تملكه كالخمر والخنزير اجماعا ويجوز اخذها من ثمن ذلك فإذا باع الذمي خمرا أو خنزيرا على ذمي وقبض الثمن جاز اخذه من الجزية لا نا عقدنا معهم الذمة على دينهم بدينهم ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم وميتتهم قال عليهم الجزية في أموالهم يؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو الخمر فكلما اخذوا منهم من ذلك نور وذلك عليهم وثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم. مسألة: إذا مات الامام وقد ضرب لما قرره من الجزية ابدا معينا إذا شرط الدوام وجب على القايم يعده امضاء ذلك بلا خلاف لان ما فعله الامام الأول لابد وأن يكون صوابا لأنه معصوم عندنا فلا يجوز مخالفتهم ولو قرره نايبهم ثم مات المنوب فإن كان ما قرره الأول صوابا وجب اتباعه والا فسخه القائم مقامه إذا ثبت فان هذا فان الناس ينظر في عقدهم فإن كان صحيحا أقرهم عليه لأنه مؤبد وان كان فاسدا غيره إلى القيمة لأنه منصوب لمصالح المسلمين ومراعاة أمورهم وامضائها على ما يسوغ في الشرع لم ينظر فإن كان ما عقده الأول ظاهرا معلوما اتبع وإن لم يكن معلوما فان