فصل عن يمينك ركعتين وفي الصحيح عن معاوية قال رأيت العبد الصالح (ع) دخل الكعبة فصلى فيه ركعتين على الرخامة الحمراء ثم قام فاستقبل الحايط بين الركن اليماني والمغربي ورفع يديه عليه ولصق به ودعا ثم تحول إلى الركن اليماني فلصق به ودعا ثم إلى الركن المعرف ثم خرج وفي الصحيح عن معاوية بن عمار في دعاء الولد قال أفض ولو أمرنا زمزم ثم ادخل البيت فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب ثم قال اللهم ان البيت بيتك والعبد عبدك وقد قلت ومن دخله كان آمنا فآمني من عذابك وأجرني من سخطك ثم ادخل البيت وصل على الرخامة الحمراء ركعتين ثم إلى الأسطوانة التي بحد الحجر فالزق بها صدرك ثم قل يا واحد يا ماجد يا قريب يا بعيد يا عزيز يا حكيم لا تزدني فردا وأنت خير الوارثين هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء ثم در بالأسطوانة فالزق بها ظهرك بطنك وتدعوا بهذا الدعاء فان يرد الله شيئا كان مسألة ويكره الفريضة جوف الكعبة وقد بيناه فيما سلف وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا تصل المكتوبة في الكعبة فان النبي صلى الله عليه وآله لم يدخل الكعبة في حج ولا عمرة ولكنه دخلها في الفتح فتح مكة وصلى ركعتين بين العمودين ومعه أسامة بن زيد وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة إذا عرفت هذا فقد قال الشيخ لا يجوز الفريضة جوف الكعبة واستدل بهذين الحديثين ونحن نقول إن أراد الشيخ التحريم فهو ممنوع لقوله (ع) جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا أينما أدركني الصلاة صليت وهو عام ولما رواه الشيخ في الموثق عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) حضرت الصلاة المكتوبة وانا في الكعبة فأصلى فيها قال صل واستدل الشيخ (ره) بهذا الحديث على الجواز الضرورة وخوف فوت الوقت وما ذكره أولى مسألة ويستحب الدعاء عند الخروج من الكعبة لأنها مسجد فاستحب الدعاء في حالتي الدخول والخروج وروى الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان قال سمعت أبا عبد الله (ع) وهو خارج من الكعبة وهو يقول الله أكبر الله أكبر قالها ثلثا ثم قال اللهم لا تجهد بلائي ولا تشمت بنا أعدائنا فإنك الضار النافع ثم هبط فصل إلى جانب درجة عن يساره مستقبل الكعبة ليس بينه وبينها أحد ثم خرج إلى منزله البحث الثالث في الوداع مسألة ويستحب لمن قضى المناسك الرجوع إلى مكة لما قلناه ووداع البيت ولا نعلم فيه خلافا روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا ينفرن أحد حتى يكون اخر عهده بالبيت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت أن تخرج من مكة وتأتي أهلك فودع البيت إذا ثبت هذا فاعلم أن من اتي مكة فلا يخلوا ما ان يريد الإقامة بها أو الخروج منها فان أراد الخروج منها استحب له الوداع اجماعا وان نوى الإقامة فلا وداع عليه قاله الجمهور لان الوداع من المفارق لا من الملازم ثم اختلفوا فقال الشافعي لا وداع عليه سوى نوى الإقامة قبل النفر أو بعده وبه قال احمد وقال أبو حنيفة ان نوى الإقامة بعد أن حل له النفر لم يسقط عنه طواف الوداع واحتج الشافعي بأنه غير مفارق ولا وداع عليه كما لو نوى الإقامة قبل حل النفر وانها قال النبي صلى الله عليه وآله لا ينفرن أحد حتى يكون اخر عهده بالبيت وهذا ليس ينافي وفي حديث معاوية بن عمار الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في قوله إذا أردت أن تخرج من مكة ويأتي اهلاك فودع البيت دلالة على استحباب الوداع للخارج من مكة وعدمه من غيره بدليل مفهوم الشرط مسألة ويستحب لمن أراد الوداع ان يودعه بطواف سبعة أشواط ولا خلاف فيه لكن اختلف الناس في وجوب طواف الوداع فالذي عليه علماؤنا اجمع انه مستحب ليس بواجب ولا يجب بتركه الدم وبه قال الشافعي في الاملاء وقال في القديم والاسم انه نسك واجب يجب بتركه الدم وبه قال الحسن والحكم وحماد والثوري واسحق واحمد وأبو ثور لنا الأصل وهو البراءة فلا يصار إلى خلافه الا لدليل ولان المعذور لا يجب عليه بتركه شئ فلا يكون واجبا ولأنه كتحية البيت فأشبه طواف القدوم وهو عندهم مستحب ولأنه يسقط عن الحايض فلا يكون واجبا وما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد عن علي عن أحدهما (ع) في رجل لم يودع البيت قال لا بأس به ان كانت به علة أو كان ناسيا وفي الصحيح عن هشام بن سالم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسي زيارة حتى رجع إلى أهله فقال لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه احتجوا بما روى ابن عباس قال امر الناس ان يكون اخر عهدهم البيت الا انه خفف عن المرأة الحايض والجواب انه محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة فروع الأول بين أهل العلم كافة في أن طواف الوداع ليس بركن في الحج وان اختلفوا في وجوبه ولهذا سقط عن الحايض بخلاف طواف الزيارة وسمى طواف الوداع لأنه لتوديع البيت ولطواف الصدر لأنه عند صدور الناس من مكة ووقته بعد فراغ المرء من جميع أموره ليكون البيت اخر عهده كما جرت العادة في توديع المسافر أهله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله حتى يكون اخر عهده البيت الثاني إذا ودع البيت بالطواف وصلاته فانصرف وخرج من غير لبث فقد حصل الوداع وان أقام بعد ذلك على زيارة صديق أو شراء متاع وغير ذلك قال الشافعي يعود للوداع ولا يجزيه الأول وان قضى حاجة في طريقه من اخذ الزاد وما أشبه
(٧٧٩)