أو طليعة أو جاسوسا لينظر عدوهم وسائر اخبارهم فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثم رجع إليهم للشافعي وجهان أحدهما انه لا سهم له لأنه لم يحضر الاغتنام والثاني يشركهم لأنه كان في مصلحتهم وخاطر بنفسه بما هو أكثر من الثبات في الصف فوجب ان يشركهم والذي يقتضيه مذهبنا انه يسهم له لان القتال ليس عندنا شرطا في استحقاق السهم بل يغنم كل من حضر القتال وقد تقدم البحث فيه. السادس: لو غنم أهل الكتاب نظر في ذلك فإن كان الامام اذن له في الدخول إلى دار الحرب كان الحكم على ما شرطه وإن لم يكن اذن لهم كانت غنيمتهم للامام عندنا لان كل من غزا بغير إذن الإمام إذا غنم كانت غنيمته للامام عندنا اما الشافعي فإنه قال إن كان الامام اذن لهم في الدخول إلى دار الحرب كان الحكم ما شرط وإن لم يأذن لهم احتمل وجهين أحدهما انه تبرعه ويرضخ لهم لأنهم لا يستحقون منهما في الغنيمة والثاني يقرون عليه كما لو غلب بعض المشركين على بعض. السابع:
قال ابن الجنيد إذا وقع النفير فخرج أهل المدينة متقاطرون فانهزم العدو وهم أوائل المسلمين كان كل من خرج أو (بهتا) للخروج أو أقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة العدو شركاء في الغنيمة وكذلك لو حاصرهم العدو فباشروا حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا وغنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم والحفظ للمدينة وأهلها فإن كان الذين هزموا العدو قد لقوه على ثماني فراسخ من المدينة فقاتلوه أو غنموا كان الغنيمة لهم دون من كان في المدينة الذي لم يعاونوهم جارحا. مسألة: واختلف علمائنا في أولية موضع القسمة فقال الشيخ (ره) يستحب القسمة في ارض العدو ويكره تأخيرها الا لعذر من خوف المشركين أو التمكن في الطريق أو قلة العلف أو انقطاع مسرة قال ابن الجنيد الاخبار إلينا لا يقسم الا بعد الخروج من دار الحرب ويجوز ويجوز القسمة في دار الحرب قال مالك والأوزاعي والشافعي واحمد وأبو ثور وابن المنذر وقال أصحاب الرأي لا يقسم الا في دار الاسلام لنا على جواز القسمة في دار الحرب ما رواه الجمهور عن أبي إسحاق العراقي قال قلت الأوزاعي هل قسم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا من الغنايم بالمدينة قال لا اعلمه انما كان الناس يبيعون غنائمهم ويقسمونها في ارض عدوهم ولم يفعل رسول ا لله صلى الله عليه وآله عن غزاة قط أصاب فيها غنيمة الا خمسه وقسمه من قبل أن يفعل ذلك غزاة بني المطلق هو اذن وخيبر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ (ره) في مبسوطه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قسم غنايم بدر بشعب من شعاب الصفرا قريب من بدر وكان ذلك دار حرب ولان كل موضع جاز فيه الاغتنام جازت فيه القسمة كدار الاسلام ولان الملك ثبت في الغنايم بالقهر والاستيلاء التمام ولا يحصل ذلك لا باحرازها في دار الاسلام ولو قسمه أساء القاسم وجازت قسمته لأنها مسألة ينفذ حكم الحاكم فيها إذا وافق قول بعض المجتهدين ولان كل واحد من الغانمين ان يستند بالطعام والعلف في دار الحرب والجواب عن الأول التمام موجود لأنا أثبتنا أيدينا عليها حقيقة وقهرناهم (ونفيناهم) عنها فثبت به الملك كالمباحات ولهذا لا ينفذ عن عتق الكافر في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة عنده فدل على زوال ملكهم عنها وانما يزول إلى مالك إذ ليست الا الغانمين وعن الثاني بالفرق فان حالة قيام الحرب لم يثبت للغانمين فيها حق التملك فلم يجز القسمة. فروع: الأول: احتجاج ابن الجنيد على مذهبه بان رسول الله صلى الله عليه وآله انما قسم غنايم حنين و الطايف بعد خروجه من ديارهم إلى الجعرانة لا تدل على مطلوبه لأنه حكاية حال لا عموم لها فجاز ان يقع ذلك لعذر كما قلناه أولا الثاني: قال ابن الجنيد لو صارت دار أهل الحرب دار ذمة يجرى فيها احكام المسلمين فأراد الوالي قسمتها فكان فعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بغير عناء خيبر قبل أن يرحل عنهم. الثالث: قال لو غزى المشركون المسلمين فهزمهم المسلمون وغنموهم قسموا غنايمهم مكانهم ان اختاروا ذلك قبل ادخالها المدن ولو كان المشركون بادية أو متنقلة ولا دار لهم فغزاهم المسلمون فغنموهم كان قسمتها إلى الوالي ان شاء قسمها مكانه وان شاء قسم بعضها واخر بعضها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله المغنم بخيبر. مسألة: لا ينبغي للامام ان يقيم الحد في ارض العدو بل يؤخر حتى يعود إلى دار الاسلام ثم يقيم الحد لئلا يحمل المحدود الغنيمة فيدخل إلى دار الحرب ولا يسقط بذلك الحد عنه سواء كان الامام مع العسكر أو لم يكن وان رأى الوالي من المصلحة تقديم الحد جاز ذلك سواء كان مستحق الحد أسيرا أو أسلم فيهم ولم يخرج إلينا أو خرج من عندنا للتجارة وغيرها اما لو (لم يخف) فإنه يقتص منه في دار الحرب ان قتل عمدا لان المقتضى لايجاب القصاص موجود والمانع من التقديم هو خوف اللحاق بالعدو وهو مفقود فثبت الحكم وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحدود وبهذا قال مالك والشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجب عليه القصاص ولا يحد الا ان يكون معه إماما أو نايب مع الامام لنا عموم الامر با بالحد والقصاص ولان كل موضع حرم فيه الزنا وجب فيه حد الزنا كذا دار الاسلام احتج أبو حنيفة بأنه مع غيبة الامام ونائبه لا بد للامام عليه فلا يجب عليه الحد بالزنا كالحربي والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل أولا وبالفرق ثانيا فان الحربي غير ملتزم باحكام الاسلام بخلاف المسلم إذا ثبت هذا فقد بينا انه ينبغي للامام ان تأخر الحد عليه حتى يرجع إلى دار الاسلام وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال الشافعي ومال لا يؤخر ذلك لنا ما رواه ان عمر كتب إلى امراء الاخبار لا تقتصوا الحدود في دار المشرك حتى يرجعوا إلى دار الاسلام لان المحدود ربما التحق بدار الحرب احتج الشافعي ان كل موضع وجب فيه الحد وجب اقامته فيه كدار الاسلام والجواب الفرق بما ذكرناه. مسألة: