الرجعان وتقابل الفئتان. اما الأول: فلأن الامام إذا استنفر قوما وجب عليهم النفور معه لقوله تعالى با أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض الخ وقال النبي صلى الله عليه وآله إذا استنفرتم فانفروا. واما الثاني:
فلما يأتي من وجوب ما يتعلق به النذر من الطاعات. واما الثالث: فلان عقد الإجارة لازم على ما تقدم. واما الرابع: فانا قد بينا معنى وجوب الكفاية وانه متى قام به من قيامه يغني سقط عن الباقين والا لم يسقط. واما الخامس: فلقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا فاثبتوا وقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أو لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار الآية. مسألة: قد بينا الاعتبار بسقط فرض الجهاد فلو بذل له ما يحتاج إليه وجب عليه الجهاد حالا لأنه بالبذل متمكن كالحج إذا بدل المعمر كفايته فيه فإنه يجب فيه فإنه يجب عليه لأنه تمسك بالبذل كذا هنا ولو كان على سبيل الأجرة لم يجب لان وجوب الجهاد مشروط باليسار ولا يجب على المكلف تحصيل شروط الوجوب كالنصاب في الزكاة ولو عجز عن الجهاد بنفسه وكان مؤسرا فهل يجب عليه إقامة غيره أم لا فيه قولان أحدهما الوجوب كالحج والثاني السقوط بعدم المكنة والأقرب الاستحباب ولو كان قادرا فجهز غيره سقط عنه فرض الجهاد ما لم يتعين عليه.
البحث الخامس: في اشتراط اذن الأبوين وصاحب الدين. مسألة: من عليه دين لم يحل حاله من أمرين أحدهما ان يكون الدين حالا والاخر ان يكون مؤجلا فإن كان حالا فلا يخلو اما ان يكون متمكنا من أدائه أو لا يكون فإن كان متمكنا منه لم يجز له الخروج إلى الجهاد الا باذن صاحب الدين الا ان ترك وفاه أو يقيم به كفيلا يرتضى به أو يوثقه برهن وإن لم يكن متمكنا منه هل يجوز له ان يخرج بغير إذن صاحب الدين أم لا قال قوم نعم له ذلك وبه قال مالك وقال الشافعي وأحمد بن حنبل ليس له ذلك ولصاحب الدين منعه من الغزو والأول أقرب لنا انه لا يتوجه له المطالب ولا حبسه من اجله فلم يمنع من الغزو كما لو لم يكن عليه دين احتجوا بان الجهاد يقصد عنه الشهادة التي يفوت بها النفس فيفوت الحق بفواتها وروي عن النبي صلى الله عليه وآله ان رجلا جاء إليه فقال يا رسول الله ان قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا تكفر عني خطاياي قال نعم الا الدين فان جبرئيل عليه السلام قال لي ذلك والجواب ان الشهادة غير معلومة ولا مظنونة فلا ترك لاجلها ما هو أعظم أو كان الاسلام والرواية نحن نقول بموجبها لان من فرط في قضاء دينه بالجهاد أو القتل في سبيل الله ويدل على التفريط انه استثناه من الخطايا ولا ريب ان تأخير الدين للمعسر ليس بخطية اما الدين المؤجل وهل لصاحبه منعه منه أم لا قال مالك ليس له المنع وقال الشافعي واحمد له المنع والاحتجاج من الفريقين ما تقدم والوجه ما قاله مالك. فروع: الأول: لو تعين على المدين الجهاد وجب عليه الخروج فيه سواء كان الدين حالا أو مؤجلا مؤسرا كان أو معسرا اذن له غريمه أم لم يأذن لان الجهاد تعلق بعينه وكان مقدما على ما في ذمته كساير فروض الأعيان. الثاني:
لو ترك وفاء أو أقام كفيلا مليا جاز له الغزو سواء اذن له صاحب الدين أو لم يأذن لان المانع وهو فوات الدين زائل هنا ولان عبد الله بن حزام ابا جابر بن عبد الله خرج إلى أحد وعليه دين كثير فاستشهد فقضاه عن ابنه جابر بعلم النبي صلى الله عليه وآله ولم يذمه ولم ينكر فعله بل مدحه وقال ما زال الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه. الثالث: إذا تعين عليه الجهاد جاز له الخروج مطلقا على ما بينا لكن يستحب له أن لا يتعرض لمضان القتل بان يبارز أو يقف في أول المقاتلة لما فيه من التغرير لفوات الحق. مسألة: من له أبوان مسلمان لم يجاهد طوعا الا بإذنهما ولهما منعه وبه قال أهل العلم كافة روي ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله جاهد فقال ألك أبوان قال نعم ففيها فجاهد وفي رواية حيث أتى برك الحجرة وتركت أبوي يبكيان قال ارجع إليهما فاضحكهما كما أبكيتهما وعن أبي سعيد الخدري ان رجلا هاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله هل لك أهل باليمن أحد قال نعم أبواي قال هل اذنا لك قال لا قال فارجع فاستاذنهما فان اذنا لك جاهد والا فبرهما ولان طاعة الأبوين فرض عين والجهاد فرض كفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية. مسألة: لو كانا كافرين جاز له مخالفتهما والخروج إلى الجهاد مع كراهيتهما وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل وقال الثوري ولا يغزو الا بإذنهما لنا ان النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج معه من التمايم إلى الجهاد من كان له أبوان كافران من غير استيذان كأبي بكر وغيره وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر وأبوه كان رئيس المشركين يو مئذ قتل ببدر وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد ولأنهما كافران فلا ولاية لهما على المسلم ولأنه يسوغ له قتلهما فترك قبول قولهما أولى احتج الثوري بعموم الاخبار والجواب ما ذكرناه خاص فيكون مقدما والتخصيص العام. مسألة:
ولو كان الجهاد متعينا عليه بإحدى أسباب التعيين السابقة وجب عليه الخروج من غير اذن أبويه المسلمين ولو منعاه لم يجز له التخلف ولا يجوز لهما منعه وكذا كل الفرائض ليس لهما منعه لان فرض عين وكان تركه معصية ولا طاعة لاحد في معصية الله تعالى وكذا باقي القرايض كالحج والجمعة مع الشرايط لقوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ولم يشترط اذنهما ولا نعرف في ذلك خلافا فروع: الأول: حكم لاحد الأبوين حكم لهما معا لان طاعة كل منهما فرض كما أن طاعتهما فرض. الثاني: لو كان أبواه رقيقين