ثبت لهم جزية ذلك وهو بناء على الأصل الفائت. مسألة: قال ابن الجنيد الصابئين يؤخذ منهم الجزية ويقرون عليها كاليهود والنصارى وهو أحد قولي الشافعي بناء على أنهم من أهل الكتاب وانما يخالفونهم في فروع المسائل لا في أصولهم قال أحمد بن حنبل انهم جنس من النصارى وقال أيضا انهم يستوون فيهم مع اليهود وقال مجاهد هم من أهل اليهود والنصارى وقال السدي من أهل الكتاب وكذا ان (مرة) ومتى كانوا كذلك قبلت منهم الجزية وقد قيل إنهم يقولون ان الفلك حي ناطق وان الكواكب السبعة السيارة آلهة ومتى كان الحال كذلك لم يقروا على دينهم بالجزية وكذلك تؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبية والنسطورية والفرنج والروم والأرمن وغيرهم ممن يدين بالإنجيل وينسب إلى عيسى عليه السلام والعمل بشريعته عملا بالعمومات. مسألة: بنو تغلب بن وآيل من العرب من ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية من العرب وانتقل أيضا من العرب قبيلتان أديان وهم بنوح وبهرا فصارت القبائل الثلاثة من أهل الكتاب يؤخذ منهم الجزية كما يؤخذ من غيرهم وبه قال علي وعمر بن عبد العزيز وقال أبو حنيفة لا يؤخذ منهم الجزية بل يؤخذ منهم الصدقة مضاعفة فيؤخذ من كل عشرين دينار دينار وكل مائتي درهم عشرة دراهم ومن كل ما يحسب فيه نصف العشر الخمس وبه قال الشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأحمد بن حنبل لنا انهم أهل كتاب فيدخلون في عموم الامر يأخذ الجزية من أهل الكتاب احتجوا بان هذه القبايل دعاهم عمر بن الخطاب إلى اعطاء الجزية فأبوا وامتنعوا وقالوا نحن عرب لا نؤدي الجزية فخذ منا الصدقة كما تأخذ من المسلمين فامتنع عمر في ذلك فلحق بعضهم بالروم فقال لهم النعمان بن عروة ان القوم لهم بأس وشدة فلا تعن عدول بهم وخذ منهم الجزية باسم الصدقة فبعث عمر في طلبهم وردهم وضعف عليهم الصدقة واخذ من كل خمس من الإبل شاتين واخذ مكان العشر الخمس ومكان نصف العشر العشر والحق ان يحتمل عمر فعل ذلك لأنه عرف حصول الأذى للمسلمين فصالحهم على هذا المقدار على أن لا يؤذوا المسلمين ولا ينفرد أولادهم مع أنه كان يأخذ جزية الصدقة وزكاة وأيضا فان عمر ليس بحجة وأيضا هذا الفعل مخالف مذهب المستدلين به لأنه يؤدي إلى أن يأخذ من الواحد أقل من دينار بان يكون صدقته أقل من ذلك وأيضا يلزم ان يكون بعض أهل الكتاب مقيما في بلاد الاسلام على التأبيد بغير عوض إذ من لا زرع له ولا ماشية منهم حكم وقد روى الجمهور عن عمر بن عبد العزيز انه لم يقبل من نصارى بني تغلب الا الجزية وقال لا والله الا الجزية والا فقد أذنتكم في الحرب وروى عن علي على السلام قال لئن تفرعب؟؟ لبني تغلب ليكون لي فيهم رأى لأقتلن مقاتليهم ولأسبين ذراريهم فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم. فروع: الأول: إذا ثبت ان المأخوذ جزية فلا تؤخذ الا ممن يؤخذ منه الجزية فلا يؤخذ من الصبيان والمجانين والنساء وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة انها صدقة تؤخذ مضاعفة من مال يؤخذ منه الزكاة ولو كان مسلما وبه قال أحمد بن حنبل لنا ما تقدم ان المأخوذ جزية حقيقة فلا تؤخذ الا ممن توجد له الجرية ولان عمر بن الخطاب قال لهؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم وقال النعمان بن زرعة خذ منهم الجزية باسم الصدقة ولأنهم أهل الذمة فكان الواجب عليهم جزية الصدقة كغيرهم من أهل الذمة ولان المأخوذ منهم مال اخذ لحق ماءهم ومسكنهم فكان جزية كما لو اخذ باسم الجزية وعلى هذا البحث يكون المأخوذ منهم معروفا إلى من ينصرف إليه الجزية على ما يأتي احتج أبو حنيفة بأنهم سألوا عمر ان يأخذ منهم كما يأخذ من المسلمين فأجابهم بعد الامتناع. الثاني:
لو بذل التغلبي أداء الجزية ويحط عنه الصدقة قبل منه لان المأخوذ عندنا انما هو من الجزية لا الصدقة اما من اعتقد ان المأخوذ منه صدقة فقالوا ليس لهم ذلك لان الصلح وقع على هذا فلا تغير وهو خطأ لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وهذا قد أعطى اما الحربي من القبيلتين فإنه إذا بذل الجزية قبلت منه لقوله عليه السلام ادعهم على عطاء الجزية فان أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ولأنه كتابي باذل الجزية فيقبل منه كغيره.
الثالث: لو أراد الامام نقض صلحهم وتجديد الجزية عليهم جاز عندنا لان ذلك موكول إلى نظر الامام ومنع منهم بعض الجمهور لان عقد الذمة على التأييد؟ وهو ممنوع منع ان عمر بن عبد العزيز نقضه ما فعل عمر بن الخطاب. الرابع: قد بينا ان الجزية يؤخذ من كل كتابي على الاطلاق إذا لزم شرايط الذمة لا فرق بين بني تغلب وغيرهم عندنا اما الذين فرقوا فقال بعضهم ان حكم من تنصر من تنوخ أو يهود من كنانة وحمير أو تمجس من تميم حكم بن تغلب واختاره الشافعي لأنهم من العرب فأشبهوا بني تغلب لما قوله تعالى حتى يعطوا الجزية وهو عام وبعث النبي صلى الله عليه وآله معاذ إلى اليمن واخذ من كل عام دينارا وهم عر واخذ الجزية من نصراني نجران وهم أولاد بني الحرث كعب قال الزهري أول من أعطى الجزية أهل نجران وكانوا نصارى واخذ الجزية من أكيد ودومة وهو عربي. مسألة: ولا يحل ذبح بني تغلب ولا مناكحتهم كغيرهم من أهل الذمة عندنا على ما قلنا اما من أباح اكل ذبايح أهل الذمة فقال الشافعي لا يباح اكل ذبايح أهل الذمة كافة ونقله الجمهور كافة عن علي عليه السلام وبه قال عطا وسعيد بن جبير والنخعي وقال أبو حنيفة تحل ذبايحهم وبه قال الحسن البصري والشعبي والزهري والحكم وحماد وإسحاق وعن أحمد روايتان لنا ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام من التحريم وقال عليه السلام انهم لم يتمسكوا من دينهم الا بشرب الخمور ومن طريق الخاصة عن إسماعيل بن جابر قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام لا تأكل ذبايحهم ولا تأكل في آنيتهم يعني أهل الكتاب وفي