منك ما لا يحل لأهل المعاندة والشقاق فكتب بذلك عبد الرحمن بن غنم إلى عمر بن الخطاب فكتب لهم عمر ان امض لهم ما سألوا والحق منه حرفين اشترطهما عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم أن لا يشتروا من سبايانا ومن حرب مسلم عمدا فقد خلع عهده فانفذ عبد الرحمن بن غنم ذلك وأقر من أقام من الروم في مداين الشام على هذا الشرط قال ابن الجنيد رحمه الله واختار ان يشترط عليهم عند عقد الذمة له أن لا يظهروا سبا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا لاحد من أنبياء الله وملائكته ولا سب أحدا من المسلمين ولا يطعنوا في شئ من الشرايع التي رسمها أحد من الأنبياء ولا يظهروا شركهم في عيسى والعزير عليهم السلام ولا يرعوا خنزيرا في شيئا من أمصار المسلمين ولا يمثلوا ببهيمة ولا يذبحوها الا من حيث نص لهم في كتبهم على ذبحها ولا يقربوها لصنم ولا لشئ من المخلوقات ولا يربوا مسلما ولا يعاملوه في بيع ولا إجارة ولا مساقاة ولا مزارعة معاملة لا يجوز للمسلمين ولا سقوا مسلما خمرا ولا يطعموه محرما ولا يقاتلوا مسلما ولا يعاونوا ناغبا؟؟ ولا ينقلوا اخبار المسلمين إلى أعدائهم ولا بد لوا على عوراتهم لولا يجبوا من بلاد المسلمين شيئا الا واليهم فان فعلوا كان للوالي اخراجه من أيديهم ولا ينكحوا مسلمة بعقد ولا غيره ويشترط عليهم أيضا كما قلنا إنه ليس بجايز لهم فعله كدخول الحرم وسكنى الحجاز وغيره ثم يقال فمن دخل شيئا من ذلك فقد نقض عهده وأحل ذمة وماله وبرئت ذمة الله وذمة رسوله والمؤمنين. مسألة: جمله ما يشترط على أهل الذمة ينقسم إلى ستة أقسام. أحدها: يجب شرطه ولا يجوز تركه ولا أمران. أحدها: سقوط الجزية عليهم والثاني التزام حكم الاسلام ولا بد من ذكر هذين الامرين معا لفظا ونطقا ولا يجوز الاخلال بهما ولا بأحدهما فان أغفل أحدهما لم ينعقد الجرية ولا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقد بينا ان الصغار وهو التزام احكام المسلمين واجراؤها عليهم ولرواية ابن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام ولو منع الرجال فأبوا ان يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دمائهم وقتلهم. الثاني: لا يجب شرطه لكن الاطلاق يقتضيه وهو أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان من الغرم على حرب المسلمين أو امداد المشركين والمعاونة لهم على حرب المسلمين لان اطلاق الأمان يقتضي ذلك فإذا فعلوه نقضوا الأمان لأنهم إذا قاتلونا وجبت علينا قتالهم وهو ضد الأمان وهذا القسمان ينتقض بمخالفتهما سواء شرطنا ذلك في العقد أم لم يشترط. الثالث: ما ينبغي اشتراط ما يجب عليهم الكف عنه وهو سبعة أشياء ترك الزنا بالمسلم وعدم اجارتها باسم النكاح وان لا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يقطع عليه الطريق ولا يرى المشركين عنيا ولا يعين على مسلم بدلالة أو بكتبه كتابا إلى أهل الحرب باخبار المسلمين ويطلعهم على عوراتهم ولا يقتلوا مسلما ولا مسلمة فان فعلوا شيئا من ذلك وكان تركه مشترطا في العقد نقضوا العهد وإلا فلا ثم إن أوجب ما فعلوه حد أحدهم الامام وإن لم يوجبه عذرهم بحسب ما يراه وللشافعي قولا اخر انه لا يكون نقضا للعهد شرطا مع الشرط لان كما لا يكون فعله نقضا إذا لم يشترط لم يكن نقضا وان شرط كاظهار الخمر والخنزير والجواب المنع من الكلية وثبوت الحكم في الأصل أيضا وقال أبو حنيفة لا ينتقضوا العهد الا بالامتناع إلى الامام على وجه يتعذر معه اخذ الجزية منهم وهو خطأ لان الامام وقع على هذا الشرط فيبطل ببطلانه ولان عمر بن عبد العزيز رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا فقال ما على هذا صالحناكم فامر به فصلب في بيت المقدس ورفع أبي عبيدة الجراح برجل استكره امرأة مسلمة على الزنا فقال ما على هذا صالحناكم وضرب عنقه ولان فيه ضررا على المسلمين فإذا شرط عليهم كانوا بمخالفته ناقضين للعهد كمنع الجزية وحربهم للمسلمين بخلاف إظهار الخمر والخنزير ان قلنا انهم لا ينقضون دماهم باظهاره لأنه ضرر فيه على المسلمين. الرابع: ما فيه غضاضة على المسلمين وهو ذكر ربهم أو كتابهم أو دينهم بسوء فلا يخلو اما ان ينالوا فالسبب أو بدونه فان سبوا الله تعالى أو رسوله وجب قتلهم وكان ذلك نقضا للعهد قاله الشيخ رحمه الله وان ذكروهما بما دون السب أو ذكروا دين الاسلام أو كتابا الله تعالى بما لا ينبغي فإن كان قد شرط عيهم الكف عن ذلك كان ذلك نقضا للعهد وإلا فلا وقال أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية لا يجب ذلك لقوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقال بعضهم من شتم منهم النبي صلى الله عليه وآله قيل حلالا لان النبي صلى الله عليه وآله لم يؤمن ابن حنظل والستر وقتلهما. الخامس: ما يتضمن المنكر ولا ضرر على المسلمين فيه وهو أن لا يجددوا كنيسة ولا بيعة في دار الاسلام ولا يرفعوا أصواتهم بكتبهم ولا يضربوا الناقوس ولا يعلوا أبنيتهم على بناء المسلمين وان لا يظهروا الخمر والخنزير في دار الاسلام فهذا كله يجب عليهم الكف عنه سواء شرط عليهم أو لم يشرط فان عقد الذمة يقتضيه فان خالفوا ذلك لم يجل اما ان يكون مشروطا عليهم انتقض ذمامهم وإن لم يكن مشروطا عليهم لم ينتقض دماهم بل يجب عليهم بما يقابل جنايتهم من حد أو تعزير وقال الشيخ رحمه الله لا يكون نقضا للعهد سواء شرط عليهم أو لم يكن و وبه قال الشافعي لنا ما رواه الجمهور في كتاب عمر ان نحن خالفنا فقد حل لك مناما يحل لك من أهل المعاندة والشقاق وقال عمر من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهدة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ رحمه الله وابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الجزية على أن لا يأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا نكحوا الأخوات ولا بنات الأخ فمن فعل ذلك منهم برئت من ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وقال ليست لهم اليوم ذمة لأنه عقد منوط بشرط فمتى لم يوجد
(٩٦٩)