شرطا في الهدنة فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط ولا الهدنة لأجل الحادث لقوله تعالى أوفوا بالعقود ولأنه امر بالوفاء بالعهد وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله أبا بصير إلى المشركين بعد أن رجع إليه وأمره النبي صلى الله عليه وا له حذيفة بن اليمان ان بفي المشركين بما اخذه عليه من أن لا يقاتل مع النبي (صلى الله عليه وآله يوم بدر وقد روي في بعض الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام ان حيا من العرب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله نسلم ولا نحني ولا نركع فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله نعم ولكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فقالوا نعم فلما حضرت الصلاة أمرهم بالركوع والسجود فقالوا أليس قد شرطت لنا أن لا ننحني ولا نركع فقال عليه السلام أليس قد أقررتم ان لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم قال ابن الجنيد وهذا ان صح فموجب ان الشرط العام ماض على الخاص والشرط الأخير ناسخ للشرط الأول قال ولا يختار لاحد إذا كان مخيرا غير مضطر ان يشترط في عقد ولا صلح بعقده ما لا نسخ الدين عقده فما هو وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل و لا يجز عليه دلالة وقد روي أن ثقيف سألت رسول الله صلى الله عليه وآله ان يسطويها؟؟ الا يركعون ولا يسجدون (فمنعوا بالان)؟؟ سنة من غير أن يعيدوها فلم يجبهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك قال بعض الجمهور وقد روي أن حكيم بن حزام قال يا ليت النبي صلى الله عليه وآله على أن لا اخر الا قائما يعني انه لا يركع في الصلاة بل يقرأ ثم يسجد من غير ركوع وعن نصر بن عاصم ان رجلا منهم بايع النبي صلى الله عليه وآله على أن يصلي طرفي النهار.
البحث الثاني في تبديل أهل الذمة دينهم. مسئلة: إذا انتقل ذمي يقبل منه الجزية كاليهودي والنصراني والمجوسي إلى دين نفر أهل عليه بالجزية أيضا كما ينتقل اليهودي عن اليهودية إلى النصرانية أو إلى المجوسية قال ابن الجنيد رحمه الله يقبل منه ذلك ولا يجب قتله بل يجوز اقراره بالجزية قبل الشيخ رحمه الله وهو الذي يقتضيه الظاهر من المذهب لان الكفر عندنا كالملة الواحدة قال ولو قيل إنه لا يقر عليه لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه وهو عام ولقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو عام أيضا كان قويا فإذا فلنا بالظاهر من المذهب وانتقل إلى بعض المذاهب امر على جميع احكامه وان انتقل إلى المجوسية فمثل ذلك غير أن أصلنا لا يجوز مناكحتهم بحال ولا اكل ذبايحهم ومن أجاز ذبايحهم من أصحابنا ينبغي أن يقول انتقل إلى اليهودية والنصرانية اكل ذبيحته وان انتقل إلى المجوسية لا توكل ولا تناكح وإذا قلنا لا يقر على ذلك وهو الأقوى عندي فإنه يصير مرتدا عن دينه. فرع: إذا قلنا إنه لا يقر عليه فبأي شئ يطالب منهم من يقول إنه يطالب بالاسلام لا غير لاعترافه ببطلان ما كان عليه وما عدا دين الاسلام باطل ولا يقر عليه ومنهم من يقول إنه يطالب بالاسلام أو بدينه الأول قال الشيخ رحمه الله ولو قبل انه لا يقبل منه الا الاسلام أو القتل كان قويا للآية والخبر فعلى هذا إن لم يرجع إلى الدين الذي خرج منه قيل ولم يتصل إلى دار الحرب لأنه فيه تقوية لأهل الحرب وتكثيرا لعددهم. مسألة: ولو انتقل إلى دين لا يقر أهل عليه كاليهودي يصير وثنيا فإنه لا يقر عليه اجماعا واما الذي يقبل منه فيه أقوال ثلاثة أحدها انه لا يقبل منه الا الاسلام وقواه الشيخ رحمه الله للآية والخبر لأنه اعترف ببطلان ما كان عليه وما عدا دين الاسلام باطل في نفس الامر فلا يقر عليه كما لو ارتد عن الاسلام الثاني انه يقبل منه الاسلام أو الدين الذي كان عليه لأنه انتقل من دين يقر أهله عليه إلى دين لا يقر أهله عليه فوجب ان يقبل منه الرجوع إليه كما لو انتقل عن الاسلام واستبعده ابن الجنيد وقال لا يقبل منه الا الاسلام كالقول الأول لأنه بدخوله فيما لا يجوز اقراره عليه قد أباح دمه وصار حكمه حكم المرتد الذي لا يقبل منه غير الاسلام. الثالث انه يقبل منه الاسلام والرجوع إلى دينه الأول أو الانتقال إلى دين يقر أهله عليه لان الأديان المخالفة لدين الاسلام ملة واحدة لان جميعها كفر وإذا كانت ملتان يقر أهلها عليها كانتا سواء وهو أظهر الأقوال عند الشافعية ومنع ابن الجنيد من ذلك والشيخ رحمه الله استضعف هذا القول ومال إلى الأول قال فان أقام على الامتناع فحكمه ما قدمناه من وجوب القتل عليه قال الشيخ رحمه الله واما أولاده فان كانوا كبارا يقروا على دينهم ولهم حكم نفوسهم وان كانوا صغارا نظر في الأم وان كانت على دين يقر أهله ببذل الجزية أقره ولده الصغير في دار الاسلام سواء ماتت الأم أو لم يمت وان كانت على دين لا يقر أهله عليه كالوثنية وغيرها فإنهم يقرون أيضا لما سبق لهم من الذمة والأم لا يجب عليها القتل. البحث الثالث: في نقض العهد. مسألة: إذا عقد الامام الهدنة بينه وبين المشركين وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضوها بلا خلاف فعله في ذلك لقوله تعالى أوفوا بالعقود وقوله تعالى وأتموا عليهم عهدهم إلى مدتهم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الأسر قال سحت بينك وبين عدوك قضية وعقدت لهم بها صلحا والنسبة بينك ذمة فحط عهدك بالوفاء وذمتك بالأمانة واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت ولا يدعونك ضيف أقر لزمك فيه عهد الله على طلب نفسك لو نازعتك