كالأرباح التجارات والزراعات وغيرهما أو اكتسب بالقتال والمحاربة والقسم الأول مضى البحث فيه والكلام هنا يقع في القسم الثاني وأقسامه ثلاثة ما ينقل ويحول كالأمتعة والأقمشة والذهب والفضة والحيوان وغير ذلك وما لا ينقل ولا يحول كالأراضي والعقارات وما هو سبي كالأطفال والنساء فليبحث عن احكام هذه الأقسام وببيع ذلك بالحث عن كيفية القسمة والجعائل؟ وغير ذلك مما هو مختص بهذا الباب بعون الله تعالى وهنا أبحاث.
البحث الأول: فيما ينقل ويحول. مسألة: قد بينا ان الغنيمة شاملة لما يغنم بالقهر والغلبة من أموال المشركين ولما يغنم بالمعاش والربح وعند الجمهور الغنيمة اسم للمعنى الأول والوضع تساعدنا على الشمول للمعنين معا واما الفئ فهو مشتق من فاء يفيئ إذا رجع والمراد به في قوله تعالى ما أفاء الله على رسوله الآية الا به ما حصل ورجع عليه من غير قتال ولا انحاف بخيل ولا ركاب وما هذا حكمه فهو للرسول عليه السلام خاصة ولما قام مقامه بعده من الأئمة بعده (عليه السلام ليس لغيرهم في ذلك نصيب والغنيمة مشتقة من الغنم وهو المستفاد مطلقا على ما بينا وما يؤخذ بالفزع مثل ان نزل المسلمون على حصن أو قلعة فيهرب أهله ويتركون أموالهم فيه فزعا منهم فإنه يكون من جملة الغنايم التي يخمس وأربعة أخماس للمقاتلة كالغنائم وقال الشافعي ان ذلك من جلمة الفيئ لان القتال ما حصل فيه قال الشيخ (ره) والأقوى إذا عرف هذا فان الغنيمة كانت محرمة فيما تقدم من الأديان وكانوا يجمعون الغنيمة فينزل نار من السماء فيأكلها فلما أرسل الله تعالى محمدا صلى الله عليه وآله أنعم عليه فجعل ماله خاصة قال الله تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أجراني الخمس ولم يحل لاحد قبلي وحلت لي الغنائم وقال عليه السلام أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي وذكر فيها أحلت له الغنائم إذا ثبت هذا فان النبي كان مختصا بالغنائم لقوله تعالى يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسو ل واتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم نزلت يوم بدر لما يتنازعوا في الغنائم فلما نزلت قسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وادخل معهم جماعة لم يحضروا الوقعة لأنها كانت له عليه السلام يصنع بها ما شاء ثم نسخ ذلك وجعلت الغنائم خاصة أربعة أخماسها والخمس الباقي في المستحقة قال الله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شئ فان لله خمسة الآية فأصاب الغنيمة إليهم وجعل الخمس للأصناف التي عددها المغايرين للغانمين فدل على أن الباقي لهم وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الغنيمة لمن شهد الواقعة ولا نعلم فيه خلافا مسألة: ما يحويه العسكر مما ينقل ويحول ينقسم إلى ما يصح تملكه والى ما لا يصح تملكه للمسلمين كالخمور والخنازير وهذا القسم لا يكون غنيمة لأنه غير مملوك اما ما يصح تملكه للمسلمين فإنه يصير غنيمة ويختص به الغانمون اجماعا بعد الخمس الجعايل فيقسم الخمس ستة أقسام ثلاثة منها للنبي صلى الله عليه وآله وهي الآن للإمام عليه السلام وأربعة أخماس الباقية يكون للمقاتلة خاصة على ما يأتي من كيفية القسمة اما الأشياء المباحة في الأصل كالصيود والأحجار والأشجار في دار الاسلام إذا وجد في دار الحرب ولم يكن عليه اثر يملك لهم فإنه لواجده ولا يكون غنيمة لأنه لم يملكه بالقهر الغلبة ولو وجد شئ من ذلك عليه اثر ملك كالطير المقصوص والأشجار المقطوعة والأحجار المنحوتة أو كان موسوما فإنه غنيمة بناء على الظاهر لأنه دلالة على ثبوت يدهم عليه ولو وجد في دار الحرب شئ يحتمل ان يكون للمسلمين و لأهل الحرب كالخيمة والسلاح فالوجه ان حكمه حكم اللقطة وقيل يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة ذهب إليه الشيخ في المبسوط وهو اختيار احمد ولو وجد في الصحراء وتدا منحوتا كان البحث دليلا على أنه مملوك ولو عرفه المسلمون كان لهم وإن لم يعرفوه فهو غنيمة لان الظاهر أنه لهم لأنه في دارهم فان ادعا واحد من المسلمين فالوجه ان عليه إقامة البينة إذا عرفت هذا فان الشافعي وافقنا على أن ما يجده المسلم في دار الحرب مما هو مباح الأصل ولا اثر عليه لمالك يكون لواجده ووافقنا أيضا مكحول عليه والأوزاعي وقال أبو حنيفة والثوري لا يختص به الواجد بل يكون للمسلمين كافة لنا انه لوجده من دار الاسلام ملكه فإذا أخذه من دار الحرب كان ملكا له كالشئ اليسير احتجوا بأنه مال ذو قيمة مأخوذ من ارض الحرب بظهر المسلمين وكان غنيمة كالمطعومات والجواب المنع من كونه غنيمة لان التقدير انه لا مالك له اما لو وجد صيدا في أرضهم واحتاج إلى اكله أو وجد ما يحتاج إلى الانتفاع به مما ليس بمملوك فإنه له ولا ترده اجماعا لأنه لو وجد طعاما مملوكا للكفار به كان له اكله إذا احتاج إليه فما يأخذ من الصيود والمباحات أولى. فروع: الأول: لو اخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم كالمش والأدوية فهو أحق له اجماعا ولو صارت له قيمة ينقله أو معالجة فكذلك به وبه قال أحمد بن حنبل ومكحول والأوزاعي والشافعي وقال الثوري إذا أجابه إلى دار الاسلام دفعه إلى المقسم وان عالجه فصار له لمن أعطى بقدر عمله فيه ودفع في المقسم لنا انه مباح وكان مملوكا لواحد وقد تقدم وليس الغنيمة انما صارت له بعلمه أو نقله فلم يكن غنيمة حال اخذه له فكان كما لو اخذه ما لا قيمة له. الثاني: لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله فهو له كان جايزا أو يصير لاخذه وبه قال مالك وخالف بعض الجمهور فيه لنا انه إذا لم يجد من يحمله ولم يقدر على حمله بمنزلة ما لا قيمة له وانما حصلت له القيمة بحمله إلينا فلم يكن غنيمة. الثالث: لو وجد في أرضهم وكان ركازا فإن كان في موضع بقدر عليه بنفسه فهو كما لو وجده في دار الاسلام يخرج منه الخمس والباقي له وإن لم يقدر على الا بجماعة المسلمين فإن كان في مواتهم قال الشافعي يكون