منعنا الاستعانة بغير المأمون من المسلمين كالمخذل والمرجف فالكافر أولى أما إذا كان مأمونا فإنه يجوز الاستعانة به على ما قلناه أولا خلافا لأحمد احتج على عدم جواز الاستعانة مطلق بما روت عائشة قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بدر حتى إذا كان الوبر أدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة ونجده فسر المسلمون به فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله جئت لاتبعك وأصيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أتؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال صلى الله عليه وآله فانطلق وعن عبد الرحمن بن حبيب قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يريد غزوة انا ورجل من قومي ولم نسلم قال نسلم فقلنا نستحيي ان يشهد قومنا نشهد لا نشهده معهم قال فأسلمتا قلنا لا قال انا لا نستعين بالمشركين على المشركين قال فأسلمنا وشهدنا معه ولأنه غير مأمون فأشبه المخذل والمرجف والجواب على الحديثين انهما وردا في واقعة فلا عموم لهما وحكمه يحتمل ان يكون عليه السلام مستغنيا عن المشركين فسي تلك القضية أو انه عليه السلام علم عن حالهم الاسلام بالرد لهم فردهم ليسلموا وذلك مصلحة عظيمة أو انه عليه السلام لم يكن عالم بحالهم من الأمانة وعدم الاضرار وعن الثاني بالفرق إذ التقدير ان الاستعانة انما يجوز إذا كان المشرك مأمونا فلا يجوز قياس أحد النقيضين على صاحبه. مسألة: وليس للرضخ قدر معين بل هو مذكور إلى نظر الامام لكن لا يبلغ الفارس سهم فارس ولا للراجل سهم راجل كما لا يبلغ بالتقدير حد ينبغي ان يفضل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم وكثرة النفع بهم فيفضل العبد المقاتل الشديد على من ليس كذلك ويفضل المرأة المقاتلة والتي يسعى الماء أو تداوي الجرحى وتعني بالمجاهدين على من ليس كذلك وبالجملة تفاوت بينهم با لعطا بحسب تفاوت النفع بهم ولا سوي بينهم لان السهم منصوص عليه غير موكول إلى الاجتهاد فلم يختلف كالحد والدية اما الرضح فإنه غير مقدر بل هو مجتهد فيه تردد إلى الاجتهاد الامام فاختلف كالتغرير وقيمة العبد وغير ذلك. فروع: الأول قال الشيخ (ره) الرضح يكون من أصل الغنيمة وللشافعي ثلاثة أقوال والثاني من أربعة الأخماس لأنهم يستحقون ذلك بحضورهم الواقعة فأشبهوا القائمين والثالث انه يرفع من سهم المصالح لان مستحق الرضح ليس من أصحاب السهم ولا من أصحاب الخمس فلم يكن الدفع إليه عن وجه المصلحة وكان من سهم المصالح قال الشيخ (ره) الأول أصح لأنهم يستحقون ذلك لمعاونة في تحصيل الغنيمة فهم بمنزلة البقالين والخياط يكون اجرهم من أصل الغنيمة ولو أعطاهم الامام ذلك من ماله من الأنفال وخصه من الخمس جاز ذلك. الثاني: إذا استأجر الامام أهل الذمة للقتال جاز ولا يبين المدة غرر فربما زادت مدة الحرب أو نقصت وعفي عن الجهالة هنا لموضع الحاجة فان لم يكن قتال لم يتسحق شيئا وان كان هناك قتال فان قاتلوا استحقوا الأجرة وإن لم يقاتلوا ففي الاستحقاق تردد وينشأ من أنه منوط بالعمل ولم يوجد فلا استحقاق وانه يتسحق بالحضور لان الخصوم بمنزلة القاتل في حق المسلم يستحق به السهم فكذا هنا والأول أقوى. الثالث: لو زادت الأجرة عن سهم أو الفارس ففيه احتمالان أحدهما انه يعطي ما يكون رضحا من الغنيمة ولا يكون من سهم المصالح والثاني انه يدفع ذلك كله من الغنيمة لأنه جاز مجرى المؤنة والمؤنة لا يعتبر فيها النقصان عن السهم و هو الأقوى عندي. الرابع: لو غز المرجف أو المخذل فلا شئ له ولو كان على فرس لم يسهم له والا للفرس. الخامس: لو غزا العبد بغير إذن مولاه لم يرضح له شئ لأنه عاص بغزوه فصار كالمخذل والمرجف لول غزا الرجل بغير إذن الإمام أخطأ وان غنم مع العسكر كان سهمه للامام على ما يأتي ولو غزى بغير إذن أبوية أو بغير إذن من له الدين عليه استحق السهم لتعيين الجهاد عليه بالحصن في الصف فانتفى العصيان بخلاف العبد وفيه نظر. مسألة: قال الشيخ (ره) في النهاية والمبسوط ليس للأعراب من الغنيمة شئ وان قاتلوا مع المجاهدين بل يرضح لهم الامام بحسب ما يراه من المصلحة ونعني بالاعراب من أظهر الاسلام ولم يضفه وصولح على اعقابه المهاجرة وترك النصيب قال ويجوز ان يعطيهم الامام من سهم ابن السبيل من الصدقة لان الاسم يتناولهم ومنع ابن إدريس ذلك كل المنع وأوجب لهم النصيب وان يسهمهم الامام كغيرهم من المقاتلة عملا بالعموم استضعافا للرواية اما الشيخ (ره) فقد عول في ذلك على ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث المعزلة قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله انما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أن وهمه من عدوه وهم ان يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في القسمة نصيب فان صح هذا الحديث عمل عليه والا فالأقوى مذهب ابن إدريس.
البحث الرابع:
في كيفية القسمة: مسألة: ما يبدأ الامام يدفع السلب إلى المقاتل ان يجعله له لان حقه متعلق بالعين دون بقينة الغنيمة فإنها لا تعين لاحد ثم يخرج من الغنيمة بعد ذلك أجرة الجمال والحافظ والناقل والراعي لان ذلك من مؤنتها يؤخذ من أصلها ثم يخرج منها الرضح ان قلنا إن الرضح من أصل الغنيمة على ما يأتي الخلاف فيه ثم يقسم فيفرد الخمس لأهله ويقسم الأربعة أخماس بين الغانمين وتقدم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس لان مستحق الغنيمة وهم الغانمون حاضرون وأهل الخمس غايبون فتقدم الحاضرون ولان الغانمين يعنى رجوعهم وانصرافهم إلى أوطانهم على قسمة الغنيمة وأهل الخمس في مواطنهم فكان الاستعمال بهم يعود إلى أوطانهم أولى ولان الغانمون انما حصلت الغنيمة باجتهادهم ومحاربتهم فكانوا بمنزلة من استحقها بعوض وأهل الخمس حصلت لهم بغير سبب منهم فكان حق الغانمين آكد فقدموا في الغنيمة. مسألة: وللامام ان يصطفي من الغنيمة ما يختاره من فرس وجواد أو ثوب مرتفع القيمة أو جارية حسناء أو سيف قاطع