سبب نكث اليهود ان رسول الله صلى الله عليه وآله شرط عليهم أن لا يكتموا شيئا ولا يغشوا شيئا فان فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فسال ابن الحقيق ما فعل نبيكم فقالوا استهلكنا ما في حربنا فامر النبي صلى الله عليه وآله فاتوا المكان الذي فيه الآنية فاستشاروها ثم ضربت أعناقهم فكان سبب نكث قريش ان حلفاءها بنو بكر وبنو على حلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله فأعانت قريش بني بكر بالكراع والسروج فأباح رسول الله صلى الله عليه وآله قتالهم قال الشافعي ان الذي أعان على خزاعة ثلاثة نفر من قريش شهدوا قتالهم فغزا رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بقدر ثلاثة نفر. مسألة: إذا عقد الامام الذمة للمشركين كان عليه ان يذب عنهم كل من لو قصد المسلمين لزمه ان يذب عنهم ولو عقد الهدنة لقوم منهم كان عليه ان يكف عنهم من يجرى عليه احكام من المسلمين وهل الذمة وليس عليه ان يدفع عنهم أهل الحرب ولا بعضهم عن بعض والفرق بينهما انعقد الذمة يقتضي جريان احكامنا عليهم فكانوا كالمسلمين والهدنة عقد أمان لا يتضمن جرى الاحكام فاقتضى ان يأمر من جهته من يجرى عليه حكم دون غيره فان شرط الامام في عقد الذمة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب نظر فان كانوا ا في خوف بلاد الاسلام كان كالعراق أو في طرف بلاد الاسلام كان الشرط فاسدا لأنه يجب عليه ان يمنع أهل الحرب من دخول دار الاسلام فلا يجوز ان يشترط خلاف وان كانوا في دار الحرب وبين بلاد الاسلام ودار الحرب كان الشرط جايزا لأنه لا يتضمن تمكين أهل الحرب من دار الاسلام إذا ثبت هذا فمتى قصدهم أهل الحرب ولم يدفعهم عنه حتى مضى حول فلا جزية عليهم لان الجزية يستحق بالدفع فان سباهم أهل الحرب فعليه ان يسترد ما سبي منهم من الأموال لان عليه حفظ أموالهم فإن كان في جملته خمرا أو خنزيرا لم يلزمه استيفاؤه لأنه لا يحل إمساكه. مسألة:
إذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة واخذوا أموالهم وظفر الامام باهل الحرب واستفد أموال الهدنة قال الشافعي يرده الامام عليهم وكذا لو اشترى مسلم من أهل الحرب ما اخذوه من أهل الهدنة وجب رده عليهم احتج بأنه عهده منه فلا يجوز ما يتملك ان سبي منهم كاهل الذمة وقال أبو حنيفة لا يجوز رد ما اخذه من أهل الحرب من أموالهم لأنه لا يجب عليه ان يدفعهم عنهم فلا يلزمه رد ما يستنقذه منهم كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب وقول أبو حنيفة لا يخلو من قوة.
البحث الرابع: في الحكم من المعاندين والمهادنين مسألة: اتفق علماء السر ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل المدينة وادع اليهود كافة على غير جزية منهم بنو قريظة والنظير والمصطلق لان الاسلام كان ضعيفا بعد وفيهم نزل قوله تعالى وإذا جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وقبل انها نزلت في اليهود من بين اللذين ربنا لقوله تعالى وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله وكان النبي صلى الله عليه وآله اخرج اية الرحمن من التوراة ورحمه مسألة: إذا تحاكم إلينا ذمي مع مسلم أو مستأمن وجب على الحاكم ان يحكم بينهما على ما يتقضيه حكم الاسلام لأنه يجب علينا حفظ المسلم من ظلم الذمي وبالعكس ان يحاكم بعض أهل الذمة مع بعض تخير الحاكم بين الحكم بينهم والاعراض عنهم وبه قال مالك وقال المزني يجب الحكم وللشافعي قولان لنا قوله تعالى فان جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال إن الحاكم إذا اتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه ان شاء حكم بينهم وان شاء تركهم ولأنهما لا يعتقدان صحة الحكم فأشبها المستأمنين احتجوا بقوله تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله والامر للوجوب ولان دفع الظلم بينهم واجب على الامام والحكم بينهم دفع لذلك عنهم فلزمهم كالمسلمين والجواب في تلك الآية أخص والقياس باطل لان المسلمين يعتقدون ان صحة الحكم اما لو ارتفع إلينا مستأمنان حربيان من غير أهل الذمة فإنه لا يجب على الحاكم الحكم بينهم اجماعا لأنه لا يجب على الامام دفع بعضهم عن بعض بخلاف أهل الذمة ولان أهل الذمة اكر حرمته فإنهم يسكنون دار الاسلام على التأبيد. مسألة:
أحد الخصمى إلى الامام أعده على الاخر في كل موضع يلزم الحاكم الحكم بينهم فإذا استعدى خصمه وجب عليه إلى مجلس الحكم وروى الشيخ عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت رجلان من أهل الكتاب نصرانيان أو يهوديان كان بينهما فقضى بينهما حاكم من حكامها يجوز فاما الذي قضى عليه ان يقبل وسال ان يرد إلى حكم المسلمين إذا ثبت هذا فان حكم بينهم وجب ان يحكم بحكم الاسلام لقوله تعالى وإذا حكمت فاحكم بينهم بالقسط وقال تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله إليك ولا تتبع أهوائهم. مسألة: إذا جاءت امرأة ذمي يستعدى على زوجها الذمي في طلاق أو ظهار أو إيلاء يخير بينهم في الحكم والرد إلى أهل تحليهم ليحكموا بينهم فان حكم بينهم بمذهبهم حكم بحكم الاسلام ويمنعه في الظهار من أن يقر بها حتى يكفر ولا يجوز له ان يكفر بالصوم لافتقاره إلى نية القربة ولا بالعتق لتوقعه على ملك المسلم وهو لا يتحقق في طرفه الا ان يسلم في يده لو يريها بل بالاطعام. مسألة: يجوز للمسلم ان يأخذ مالا من نصراني مضاربة ولا يكره ذلك لان المسلم لا ينصرف الا فيما يسوغ ويكره للمسلم ان يدفع إلى المشرك مالا مضاربة لان الكافر ينصرف بما لا يسوغ في الشرع وما لا يسوغ فان فعل صح القراض وينبغي له إذا دفع إليه المال ان يشترط عليه ان ينصرف الا بما يسوغ في شرعنا فان شرطه عليه ذلك فابتاع خمرا فالشراء باطل سواء ما ابتاعه بغير المال أو في الذمة لأنه خالف الشرط ولا يجوز له ان بقبض الثمن وإن لم يشترط عليه ذلك بل دفع إليه المال إليه مطلقا فابتاع ما لا يجوز ابتياعه في في البيع باطل دفع الثمن فعليه الضمان أيضا لأنه ابتاع ما ليس بمباح عندنا واطلاق العقد يقتضى ان يبتاع لرب المال ما يملكه لرب المال