اعتداد بقول أحد كالجنون ولا ينعقد أمان الكافر وان كان يعتاد لان النبي قال ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فجعل الذمة للمسلمين فلا يحصل لغيرهم ولان الكافر متهم على الاسلام وأهله فأشبه الحربي ولأنه منوط المصلحة المسلمين والكافر ليس باهل النظر فيها. مسألة: إذا انعقد الأمان وجب الوفاء به بحسب ما شرط فيه من وقت وغيره اجماعا ما لم يكن متضمنا لما يخالف الشرط ولا نعلم فيه خلافا روي الشيخ عن أبي عبد الله بن سليمان قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ما من رجل امن رجلا على ذمته ثم قاله جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر ولو انعقد فاسدا لم يجب الوفاء به بلا خلاف وذلك كأمان الصبي والمجنون والكافر وغيرهم ممن لا يقبل لهم ذمام أو ككان الذمام متضمنا بشرط لا يسوغ الوفاء به وفي هذه الحالات كلها يجب رد الخرق إلى مأمنه ولا يجوز قتله لأنه اعتقد صحة الامام و هو معذور ولأنه غير عارف باحكام الاسلام وكذا كل حربي دخل دار الاسلام بشبهة الامام كمن سمع لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة فينويها أمانا وكذا لو طلبوا الأمان وقال لهم المسلمون لا بذمتكم واعتقدوا انهم أمنوهم فإنهم في جميع ذلك يردون إلى مأمنهم ولا يجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا صحة الأمان فكانوا آمنين حتى يرجعوا إلى مأمنهم ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد الحكيم عن أبي عبد الله عليه السلام وأبي الحسن عليه السلام) قالا لو أن قوما حاصروا مدينة فسألهم الأمان فقالوا لا تظنوا انهم قالوا نعم فنزلوا إليهم كانوا آمنين البحث الثالث: في العبارة والوقت: مسألة: وقد وردف ي الشرع عبارتان إحداهما أجرتك والثانية أمنتك قال الله تعالى وان أحد من المشركين استجارك فاجره وقال النبي صلى الله عليه وآله أجرنا من أجرت وامنا من امنت وقال من دخل دار أبي سفيان فهو امن ومن أغلق عليه بابه فهو امن فبأي اللفظين أتى انعقد الأمان وكذا لفظ يدل على هذا المعنى صريحا كقوله أذممتك أو أنت في ذمة الاسلام وكذا كناية علم بها ذلك من قصد العاقد سواء كان بلغة العرب أخرى فلو قال بالفارسية مترس فهو امن اما قوله لا بأس عليك ولا تخف ولا تذهل أو لا تحزن أو ما شاكل ذلك فان علم من قصده الأمان كان أمانا لان المراعى وهو القصد دون اللفظ وإن لم يقصد ذلك الأمان لم يكن أمانا غير أنهم إذا سكتوا إلى ذلك وأخلوا لم يتعرض لهمم لأنه شبهة ويردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا وكذا الحكم إذا أومى مسلم إلى مشرك بما يوهمه انه أمان فركن إلى ذلك ودخل دار الاسلام كان حكمه ما قدمناه وهذا كله لا نعلم فيه خلافا. فرعان: الأول:
لو قال له قف أو قم أو الق سلاحك فليس أمانا خلافا لبعض الجمهور وقال الأوزاعي لو ادعى الكافر انه أمان أو قال انما وقفت لندائك فهو امن وإن لم يدع ذلك فليس بأمان لما انه لفظ لا يشعر منه الأمان ولا يستعمل فيه دايما إذ استعماله غالبا للارهاب والتخويف فلم يكن أمانا كقوله لأقتلنك إذا عرفت هذا فإنه يرجع إلى المتكلم فان قال أردت الأمان فهو أمان وان قال لم أرده سئل الكافر فان قال اعتقدته أمانا رد إلى مأمنه ولم يجز قتله وإن لم يعتقده أمانا كما لو أشار إليهم وأعتقده أمانا. الثاني: لو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا وقال أردت له الأمان فهو أمان وان قال لم أرد منه الأمان فالقول قوله لأنه أبصر بنيته فرجع إليه فيها ولو خرج الكفار من حصنهم إلى الاسلام بناء على هذه الإشارة وتوهمهم انها أمان لم يجز قتلهم وردوا إلى مأمنهم ولو مات المسلم ولم يتبين أو غاب كانوا آمنين و يردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا الا ان يجدد لهم الوالي أمانا وانما جوزنا عقد الأمان بالإشارة بخلاف الطلاق وسائر العقود لان الذمام ينبغي حقها حقن الدماء كما علينا حقن دم المجوسي المشبهة في الكتاب وإن لم يكن أهل كتاب. مسألة: ووقت الأمان قبل الأسر فيجوز عقده لآحاد المشركين قبل الأسر اجماعا وهل يجوز لآحاد المسلمين عقد الأمان بعد الأسر قال علمائنا لا يصح وبه قال الشافعي وأكثر أهل العلم وقال الأوزاعي يصح عقده بعد الأسر لما انه قد ثبت للمسلمين حق استرقاقه فلا يجوز ابطاله ولان المشرك إذا وقع في الأسر يتخير الامام فيه من أشياء يأتي ذكرها ومع الامن يبطل التخيير فلا يجوز ابطال ذلك عليه احتج مخالف بان زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أجازت زوجها بالعباس بن ربيع بعد اسره فأجاز النبي صلى الله عليه وآله أمانها وابن عمر بن الخطاب هرمزان بعد الأسر والجواب عن الأول ان زينب انما جاز أمانها لإجازة الرسول صلى الله عليه وآله ذلك وعن الثاني انه الرئيس فكان له الامر. مسألة: يجوز للامام ان يؤمن الأسير بعد الاستيلاء عليه بالأسر لان النبي صلى الله عليه وآله أجاز أمان زينب لزوجها أبي العاص بن الربيع وامن عمر الهرمزان بعد الأسر ولان الامام ان يمن عليه ويطلقه والأمان دون ذلك بخلاف آحاد المسلمين فإنه لا يجوز لهم ذلك بل انما يجوز قتل الأسير ما دام على الامتناع وان حصل في مضيق أو في حصن ولحقهم المسلمون فإنه يصح الأمان لأنه لم يحصل بل هو بعد الامتناع. مسألة: لو أقر المسلم انه امن المشرك نظر فإن كان في وقت يصح منه انشاء الأمان كما لو أقر قبل الأسر صح اقراره وقبل منه اجماعا وان كان في وقت لا يصح منه انشاء الأمان ولا يملكه بعد الأسر فلا يملك الاقرار ولو قامت له بينة أمنه قبل الأسر ثبت حكم الأمان ولو شهد جماعة من المسلمين انهم أمنوه فالوجه انه لا يثبت لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم قاله الشيخ (ر ه) وبه قال الشافعي وقال بعض الجمهور يقبل لأنهم عدول من المسلمين غير متهمين شهدوا به فوجب ان يقبل كما لو شهدوا على غيرهم انه أمنه اما لو شهد بعضهم ان بعض الاخر أمنه قبلت شهادتهم