يقتل أيضا لأنه يمكنه القتال لأنه يطلب منه الاسلام وبه قال الشافعي وخالف فيه أحمد بن حنبل لنا ما تقدم وقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم احتجوا بقول عمر بن الخطاب اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبوا لكم الحرب والجواب ان قول عمر ليس بحجة في نفسه فضلا إذا عارض القرآن مسألة: إذا حاصر الامام حصنا لم يكن له الانصراف عنه الا بأحد أمور خمسة. الأول: ان يسلموا فيحرز بالاسلام دمائهم وقولهم وأموالهم لقول النبي صلى الله عليه وآله وأمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم الا بحقها. الثاني: ان يبذلوا مالا على الترك لهم فإن كان جزية وهم من أهلها قبلت منهم لقوله تعالى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وإن لم يكن جزية فان كانوا حربين اعتبرت المصلحة فان وجد الامام من المصلحة قبوله قبله منهم وإلا فلا. الثالث: ان يفتحه ويملكه ويقهرهم عليه. الرابع: ان يرى أن من المصلحة الانصراف عنهم اما بان يتقرر بالمسلمون بالإقامة أو بان يحصل الياس منه أو لتحصيل مصلحة يقول بالإقامة مع الحاجة إليها كما روي أن النبي صلى الله عليه وآله حاصر أهل الطايف فلم ينل منهم شيئا فقال انا قاتلون انشاء الله تعالى غدا فقال المسلمون ولم يفتحه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اغدوا على القتال فغدوا عليه فأصابهم الجراح فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله انا قاتلون غذا فأعجبتهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله. الخامس: ان ينزلوا على حكم حاكم فيجوز كما روي أن النبي صلى الله عليه وآله لما حاصر بني قريظة رضوا بان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأجابهم إلى ذلك. مسألة: لا يجوز التمثيل بالكفار ولا تعذيبهم ولا الغلول منهم لقول أبي عبد الله عليه السلام في حديث أبي حمزة الثمالي الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا بسم ا لله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تعلوا ولا تميلوا ولا تعدوا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة الحديث وكذا في حديث مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله ولا تقدروا ولا تفعلوا ولا تميلوا وكذا في حديث جميل بن رواحة الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام.
البحث الرابع في المبارزة. مسألة: المبارزة مشروعة غير مكروهة في قول عامة أهل العلم الا الحسن البصري فإنه لم يعرفها وكرهها لنا لما رواه الجمهور ان عليا عليه السلام بارز يوم خيبر فقتل مرحبا وبارز عمر بن ود العامري يوم الخندق فقتله وبارز حمزة وعلي عليه السلام يوم بدر عبيدة بن الحارث يوم بدر باذن رسول الله صلى الله عليه وآله وبارز سيرين بن لقمة فقتل سلبه اثنى عشر ألفا فنقله أباه مسعدة لو يزل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يبارزون في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ولم ينكر ذلك منكر فكان اجماعا ولا اعتداد بخلاف الحسن البصري وكان أبو ذر يقسم ان قوله تعالى هذان خصمان اختصموا نزلت في الذين بارزوا يوم بدر وهم حمزة وعلي عليه السلام وعبيدة بارز عتبة وشيبة والوليد بن عتبة وقال أبو قتادة بارزت رجلا يوم خيبر فقتلته ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى ان يبارزه فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ما منعك ان تبارزه فقال كان فارس العرب وخشيت ان يقتلني فقال أمير المؤمنين عليه السلام فإنه بغى عليك ولو بارزته لقتله ولو؟
لهذا الباغي وقال أبو عبد الله عليه السلام ان الحسن بن علي عليه السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم أمير المؤمنين عليه السلام فقال لان عدت إلى مثلها لعاقبتك ولان دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنك اما علمت أنه بغي. مسألة: وينبغي للمسلم أن لا يطلب المبارزة الا باذن الامام إذا أمكن وبه قال الثوري واسحق وأحمد بن حنبل ورخص فيها مطلقا من غير اذن الامام مالك والشافعي وابن المنذر ولنا ان الامام اعلم من شانه وشان المشركين ومن يصلح للمبارزة ومن لا يصلح لها وربما حصل للمسلمين ضرر بذلك فإنهم إذا انكسر صاحبهم كسر قلوبهم فينبغي ان يفوض النظر في ذلك إلى الامام لمختار المبارزة من يرتضيه لها فيكون أقرب إلى الظفر واحفظ لقلوب المسلمين و كسر قلوب المشركين ويؤيده ما رواه الجمهور ان عليا عليه السلام وحمزة وعبيدة استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عمرو بن جميع دفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام انه سأله عن المبارزة يوم صفين بغير إذن الإمام فلا با س به ولكن لا يطلب ذلك الا باذن الامام احتجوا بما رواه قتادة بارزت رجلا يوم خيبر فقتلته ولم يعلم أنه استأذن النبي صلى الله عليه وآله والجواب من وجهين. أحدهما:
انه حكاية حال لا عموم لها ولا يتناول الاستيذان وعدمه على الجمع بل على البدل ولا اختصاص لأحدهما دون الاخر فلا دلالة فيه بل الاستيذان أولى لما عرف من حال الصحابة من متابعتهم للرسول صلى الله عليه وآله خصوصا في كيفية الحرب. الثاني: انه غير محل النزاع لان المتنازع فيه أنه هل ينبغي ان يطلب المسلم المبارز ة أن لا والحديث دل على المبارزة فجاز ان يكون أبو قتادة فعلها بعد سؤال المشرك لا لطلب أبا قتادة لها. مسألة: يجوز المبارزة بغير إذن الإمام على ما تضمنته الروايات منها في قول علي عليه السلام لما سئل عن المبارزة بين الصفين بغير إذن ا لامام قال لا بأس ولكن لا يطلب ذلك الا باذن الامام ومنها انكار علي عليه السلام على بعض بني هاشم لما دعا إلى البراز فامتنع فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ما منعك ان يبارز الحديث ومنها قوله عليه السلام للحسن عليه السلام لما دعى رجلا إلى البراز لئن عدت