الدال على الفساد والجواب قد بينا غير مرة انه لا يدل على الفساد في المعاملات ولان النهي لا لمعنى في البيع بل بعود إلى الضرب من الخديعة يمكن استدراكها باثبات الخيار. الثاني: إذا ثبت الغين كان للمغبون الخيار مما لا يتغابن بمثله وقال أصحاب الرأي الا خيار لنا قوله عليه السلام فمن تلقاه واشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار ولان اسقاط الخيار اضرار بالبايع. الثالث: لا خيار الا مع الغبن الفاحش ولا يثبت بدونه وهو ظاهر مذهب الشافعي لأنه انما يثبت لأهل الحذيفة ودفع الضرر عن البايع ولا ضرر مع عدم الغبن وقال بعض الجمهور ويثبت الخيار مع عدم الغبن عملا بظاهر الحديث وليس بجيد لان النبي صلى الله عليه وآله جعل له الخيار إذا أتى السوق فيفهم منه انه أشار إلى معرفته بالغبن في السوق ولولا ذلك لكان له الخيار من حين البيع. الرابع: الخيار انما هو للبايع خاصة قال أصحاب مالك انما هي عن تلقي الركبان لما يفوت به من الرفق باهل السوق لئلا يقطع عنهم بالاحلة؟؟ جلسوا في السوق من ابتغاء فضل الله تعالى قال بعض الجمهور فان تلق استلق فاشتراها عرضت أهل السوق فيشتركون فيها فقال الليث بن سعيد يباع في السوق وهو غلط لان مخالف لمدلول الحديث فان النبي صلى الله عليه وآله جعل الخيار للبايع إذا دخل السوق وكون الخيار له يدل على أن النهي عن التلقي لحقه لا لحق غيره ولان الجالس في السوق مساويا للمتلقي وانتفاء فضل الله فلا يتلقى بالحكمة يفسخ أحدهما والحاق الضرر عن مثله. الخامس: الخيار في التلقي مع الغبن الفاحش وفي النجش معه قيل على الفور وقيل لا يسقط الا بالاسقاط وهو أقرب لان أخص دل على ثبوت الخيار والأصل الاستصحاب ما لم يخرج الغبن عن ملكه. السادس: لو تلقى الركبان فباعهم شيئا فهو بمنزلة لا شراء منهم ولهم الخيار إذا غبنهم يخرج عن العادة وهو أحد وجهي الشافعية والاخر الا خيار فيه وهو الذي يقتضيه قول أصحاب مالك لان تعليل ذلك بما ذكرنا ه انما يتحقق في الشراء منهم لا للبيع لنا قوله عليه السلام لا تلقوا الركبان أو البايع داخل فيه ولان المقتضى للنهي وهو الخديعة والغبن موجود في الشراء والبيع. السابع: لو خرج لما قصد الايقاع التلقي فتلقي ركبا له الشراء والبيع وهو أحد وجهي الشافعي والليث والوجه الثاني للشافعية انه يحرم لنا انه يقصد التلقي فلم يتناوله النهي احتجوا بان النهي عن التلقي للخديعة بالغبن وهو موجود سواء قصد التلقي أو لم يقصد. الثامن: لو تلقى الجلب في أول السوق لم يكن به بأس لان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يتلقى السلع حتى يهبط بها السوق وهو يصدق على طرفه كصدقه على وسط ولأنه في محل البيع والشراء فلم يدخل في النهي. التاسع: حد علمائنا التلقي بأربعة فراسخ فكرهوا التلقي إلى ذلك الحد فان زاد على ذلك الحد فان زاد على ذلك كان تجارة وجلبا ولم يكن تلقيا وهو ظاهر لأنه يمضيه ورجوعه يكون مسافرا يجب عليه التقصير فيكون سفرا حقيقيا ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ رحمه الله عن منهال القصاب قال قلت له ما حد التلقي قال دوحة وعنه عن أبي عبد الله قال التلقي فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهي عن التلقي قلت قال ما دون غدوة أو روحة قلت وكم الغدوة والروحة قال قال أربع فراسخ قال ابن أبي عمير واما فوق ذلك فليس بتلق ولا يفرق به بين علمائنا خلافا فيه.
مسألة: ونهي النبي صلى الله عليه وآله عن الاحكام واختلف على قولين أحدهما التحريم اختاره الشيخ (ره) في الاستبصار وأبو الصلاح وابن إدريس وابن بابوية وبعض الشافعية والاخر الكراهية ذهب إليه الشيخ (ره) في النهاية والمفيد في المقنعة وسلار وبعض الشافعية الأول عندي أقوى وهو قول الجمهور ويدل على النهي ما رواه الجمهور عن أبي أسامة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يحتكر الطعام وعن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من احتكر فهو خاطي وخرج عمر بن الخطاب مع أصحابه فرأى طعاما كثيرا قد القي على باب مكة فقال ما هذا الطعام قالوا جلب إلينا فقال بارك الله فيه وفيمن جلبه فقيل له انه قد احتكر فقال ومن احتكره قال فلان مولى عثمان وفلان مولاك فأرسل إليهما فقال ما حملكما على احتكار طعام المسلمين قال الا نشتري بأموالنا ونبيع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من احتكر على المسلمين طعامهم لم يمت حتى يضر به إليه بالجذام أو الافلاس قال الراوي فاما مولى عثمان فباعه وقال والله لا احتكره واما مولى عمر فلم يبعه فرأيته مجذوم وعن النبي صلى الله عليه وآله قال الجالب مرزوق والمحتكر ملعون ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحتكر الطعام الا خاطي وعن بن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الجالب مرزوق والمحتكر ملعون وعن جهم بن جهم عن مغيث قال قال أبو عبد الله عليه السلام وقد تزيد السعر بالمدينكم؟؟ عندنا من طعام قال قلت ما يكفينا أشهر كثيرة قال أخرجه وبعه قال قلت وليس بالمدينة طعام قال بعه فلما بعته قال اشتر مع الناس يوما ويوم وقال يا مغيث اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا ونصفا حنطة وان الله يعلم اني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها ولكني أحب ان يرني الله عز وجل قد أحسنت تقدير المعيشة وعن يونس بن يعقوب قال كان أبو الحسن عليه السلام يأمرنا إذا أدركت الثمرة ان نخرجها فنبيعها ونشتري مع المسلمين يوما بيوم وعن الحسن عن علي عليه السلام قال من باع الطعام نزعت منه الرحمة ونهي أمير المؤمنين عليه السلام