وحديث أنس لفظ البخاري: أطيعوا السلطان وإن عبدا حبشيا كالزبيبة. قوله: لن يفلح قوم الخ فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات ولا يحل لقوم توليتها ، لأن تجنب الامر الموجب لعدم الفلاح واجب. قال في الفتح: وقد اتفقوا على اشتراط الذكورة في القاضي إلا عن الحنفية واستثنوا الحدود. وأطلق ابن جرير ويؤيد ما قاله الجمهور أن القضاء يحتاج إلى كمال الرأي، ورأي المرأة ناقص ولا سيما في محافل الرجال. واستدل المصنف أيضا على ذلك بحديث بريدة المذكور في الباب لقوله فيه رجل ورجل، فدل بمفهومه على خروج المرأة. قوله: وإمارة الصبيان فيه دليل على أنه لا يصح أن يكون الصبي قاضيا. قال في البحر إجماعا، وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالتعوذ من رأس السبعين لعله لما ظهر فيها من الفتن العظيمة منها قتل الحسين رضي الله عنه، ووقعة الحرة وغير ذلك مما وقع في عشر السبعين. قوله: القضاة ثلاثة الخ في هذا الحديث أعظم وازع للجهلة عن الدخول في هذا المنصب الذي ينتهي بالجاهل والجائر إلى النار . وبالجملة فما صنع أحد بنفسه ما صنعه من ضاقت عليه المعايش، فزج بنفسه في القضاء لينال من الحطام وأموال الأرامل والأيتام ما يحول بينه وبين دار السلام مع جهله بالأحكام أو جوره على من قعد بين يديه للخصام من أهل الاسلام. قوله: من أفتي بضم الهمزة وكسر المثناة مبني لما لم يسم فاعله، فيكون المعنى من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب والسنة والاستدلال كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب لا على المستفتي المقلد. وقد روي بفتح الهمزة والمثناة، فيكون المعنى: من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على الذي سوغ له ذلك، وأفتاه بجواز الفتيا من مثله مع جهله وأذن له في الفتوى ورخص له فيها. قوله: أراك ضعيفا فيه دليل على أن من كان ضعيفا لا يصلح لتولي القضاء بين المسلمين.
قال أبو علي الكرابيسي صاحب الشافعي في كتاب أدب القضاء له: لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافا أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين من بان فضله وصدقه وعلمه وورعه، وأن يكون عارفا بكتاب الله عالما بأكثر أحكامه، عالما بسنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حافظا لأكثرها، وكذا أقوال الصحابة عالما بالوفاق والخلاف، وأقوال فقهاء التابعين يعرف الصحيح من السقيم، يتتبع النوازل من الكتاب، فإن لم يجد ففي السنة، فإن لم يجد عمل بما اتفق عليه الصحابة، فإن اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن ثم بالسنة ثم بفتوى أكابر الصحابة عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم والمشاورة لهم مع فضل وورع، ويكون حافظا للسانه ونطقه وفرجه فهما لكلام