المنتهية إلى بقائكم في هذه النشأة، يطلب منكم ويدعوكم إلى المعاش الأعلى والنشأة الآخرة، وكسب الفضائل وجلب الحياة الطيبة لها، بقوله:
* (فلا تجعلوا لله أندادا) * حتى تصلوا إلى الحياة الكاملة الأرفق والدار الآخرة الأوسع والأسعد * (وأنتم تعلمون) * أنه غني عنكم وعن عبادتكم وعن توسيط الأسباب، وعن خلق الآباء والسماوات والأرض، فيكون كل ذلك راجعا إليكم.
وقريب منه: أن الله الذي كان خلقكم بيده ورباكم وأحسن تربيتكم، جدير بأن يعبد ولا يعبد غيره، ولا يجعل له الأنداد والأضداد، وهو أيضا جدير لأنه - مضافا إلى تلك النعم المشتركة بينكم وبين سائر الموجودات - * (جعل لكم الأرض فراشا) * وصير لكم ولأجلكم - اهتماما بشأنكم وإفضالا بحقكم - الأرض مبسوطة غير كروية بساطا غير مستدير، وفراشا على غير الأشكال السماوية، حفاظا عليكم.
* (و) * جعل لكم لا للغير - ولو كانت الأغيار مستفيدين من هذه النعم - * (السماء بناء وأنزل من السماء ماء) * بداعي شأنكم والرفق في حقكم، فأنتم وسائر الخلائق المادية، مشتركون في أن الله خالقكم وخالق الأسباب المنتهية إليكم، من الآباء والأمهات والأجنة والنواة، ولكنم مخصوصون بأن خلق الأرض والسماء الخاص وإنزال الماء كله لكم * (فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) * فعلى هذه النعم الإيجادية أولا، والإمداية ثانيا، والإعدادية القريبة منا في الإفادة والاستفادة ثالثا، لا ينبغي أن تجعلوا أندادا، * (فلا تجعلوا) * بإنصافكم ومروتكم * (لله أندادا) *، فإنه ظلم وطغيان وعصيان وخذلان وخروج عن الفطرة وعن جادة الإنسانية * (وأنتم تعلمون) *