ويمكن أن ينطبق على ما ذكرنا الاستدلال المتقدم في عبارة التذكرة بقوله قدس سره:
(لأن المخاطب لا يدري بم خوطب)، إذ ليس المراد: أن المخاطب لا يفهم منها المطلب ولو بالقرائن الخارجية، بل المراد أن الخطاب بالكناية لما لم يدل على المعنى المنشأ ما لم يقصد الملزوم، - لأن اللازم الأعم، كما هو الغالب بل المطرد في الكنايات، لا يدل على الملزوم ما لم يقصد المتكلم خصوص الفرد المجامع مع الملزوم الخاص - فالخطاب في نفسه محتمل، لا يدري المخاطب بم خوطب. وإنما يفهم المراد بالقرائن الخارجية الكاشفة عن قصد المتكلم.
____________________
معناه الموضوع له دلالة فعلية بالاستعمال، ومع القرنية الصارفة عن المعنى المدلول عليه بالأصالة وبالذات يتعين استعماله فيما يناسبه بالعرض، فالمقتضى ثبوتا هي تلك المناسبة، والمقتضى اثباتا فعلية الاستعمال فيما يناسبه، والقرينة بمنزلة الرافع للمانع لا أنها معطية للدلالة، وعيه فالدال على المعاهدة بجهاتها هو اللفظ، والقرينة ليست معطية للدلالة للفظ، كما أنها ليست بنفسها دالة على المعنى. ويمكن أن يقال: إن المنع عن التسبب بالأفعال ليس إلا بملاحظة أنها في حد ذاتها قاصرة الدلالة على المقاصد نوعا، لا بلحاظ أمر آخر وشخصا، فكل ما كان سبيله هذا السبيل كان حكمه من هذا القبيل، وإن كان قولا لوحدة الملاك، فالقرينة إذا كانت حالية محسوبة من اللفظ لاحتفافه بها، وأما إذا لم تكن كذلك فاللفظ الصادر بحسب نوه لا دلالة له على المقصود كالفعل وإن كان شخصا وبالعرض تام الدلالة من غير فرق بين المجاز والكناية وكذا بين المجاز القريب والبعيد. (ص 64) * (ص 258 و260، ج 1)