وأيضا روى البراء بن عازب أن عليا عليه السلام وأبا موسى الأشعري أحرما باليمن وقالا: إهلالا كإهلال رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قدم علي عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله، قال له النبي صلى الله عليه وآله: " بم أهللت؟ " فقال له: إهلالا كإهلال رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " أما أني سقت الهدي وقرنت ".
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ".
فتأسف على فوات إحرامه بالعمرة، لأن في فوتها التمتع الذي هو أفضل على ما دللنا عليه.
فهذا الخبر يدل على ثلاثة أشياء:
أحدها: أن النبي صلى الله عليه وآله حج قارنا.
والثاني: أن القران ما قلناه دون ما قالوه.
والثالث: أن التمتع أفضل.
مسألة 35: دم التمتع نسك، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
وقال الشافعي: هو دم جبران.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ".
فأخبر أنها من الشعائر، وأمرنا بالأكل، فلو كان دم جبران لما أمرنا بالأكل منها.
مسألة 36: المتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه دم بلا خلاف، فإن أتى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه فرض الدم.