صح العقد واقتضى التعجيل في هذا العام، وإن شرط التأجيل إلى عام أو عامين جاز، فإذا وقع مطلقا فانقضت السنة قبل فعل الحج لم تبطل الإجارة لأن الإجارة في الذمة لا تبطل بالتأخير، وليس للمستأجر أن يفسخ هذه الإجارة لمكان التأخير، فإذا أحرم في السنة الثانية كان إحرامه صحيحا عمن استأجره.
إذا استأجر اثنان رجلا ليحج عنهما فأحرم عنهما لم يصح إحرامه عنهما ولا عن واحد منهما، لأن حجة واحدة لا تكون عن نفسين، وليس أحدهما أولى بها من صاحبه، ولا تنعقد عن نفسه لأنه ما نواها عن نفسه وانقلابها إليه لا دليل عليه. فإن أحرم الأجير عن نفسه وعمن استأجره لا ينعقد أيضا عنهما ولا عن واحد منهما لما قلناه أولا.
وإذا أحصر الأجير كان له التحلل بالهدي ولا قضاء عليه لأنه لا دلالة دالة على وجوبه عليه، والمستأجر على ما كان عليه، إن كان متطوعا كان بالخيار، وإن كان وجب عليه حجة الإسلام لزمه أن يستأجر من ينوب عنه، غير أنه يلزم الأجير أن يرد بمقدار ما بقي من الطريق أو يضمن الحج فيما يستأنفه ويتولاه بنفسه.
إذا مات الأجير، فإن كان قبل الإحرام وجب على ورثته أن يردوا جميع ما أخذ ولا يستحق شيئا من الأجرة لأنه لم يفعل شيئا من أفعال الحج، وإن كان بعد الإحرام لا يلزمه شئ وأجزأت عن المستأجر - وسواء كان ذلك قبل استيفاء الأركان أو بعدها، قبل التحلل أو بعده، وعلى جميع الأحوال لعموم الخبر في ذلك - هذا إذا استأجره على أن يحج عنه وأطلق.
وإن استأجره على أن يحج عنه مثلا من بغداد أو خراسان بأن يقطع المسافة إلى الميقات استحق الأجرة بمقدار ما قطع من المسافة.
إذا استأجره على أن يحج عنه من بغداد فجاء الميقات وأحرم بالعمرة عن نفسه صحت، فإذا تحلل منها وأحرم بالحج عن مستأجرة، فإن كان رجع إلى الميقات أجزأه، وإن لم يرجع مع تمكنه من الرجوع لم يجزئه، وإن لم يمكنه