من المياه الطاهرة المطلقة، ثم ينظر فيه: فإن سلبه إطلاق اسم الماء وغير أحد أوصافه، إما لونه أو طعمه أو رائحته فلا يجوز أيضا استعماله بحال، وإن لم يتغير أحد أوصافه ولم يسلبه إطلاق اسم الماء جاز استعماله في جميع ما يجوز استعمال المياه المطلقة فيه، وإن اختلطت المياه المضافة بالماء المطلق قبل حصول النجاسة فيها نظر: فإن سلبها إطلاق اسم الماء لم يجز استعمالها في رفع الأحداث وإزالة النجاسات، وإن لم يسلبها إطلاق ذلك جاز استعمالها في جميع ذلك.
والمياه المطلقة طاهرة مطهرة يجوز استعمالها في رفع الأحداث وإزالة النجاسات وغير ذلك ما لم تقع فيها نجاسة تمنع من استعمالها على ما سنبينه، وهي على ضربين: جارية وراكدة.
فالجارية لا ينجسها إلا ما يغير أحد أوصافها لونها أو طعمها أو رائحتها قليلا كان الماء أو كثيرا، فإن تغير أحد أوصافها لم يجز استعمالها إلا عند الضرورة للشرب لا غير، والطريق إلى تطهيرها تقويتها بالمياه الجارية ودفعها حتى يزول عنها التغيير، ومياه الحمام حكمها حكم المياه الجارية إذا كانت لها مادة من المجرى، فإن لم يكن لها مادة كان حكمها حكم المياه الواقفة، ومياه المرازيب الجارية من المطر حكمها حكم الماء الجاري سواء.
وأما المياه الواقفة فعلى ضربين: مياه الآبار والركايا التي لها نبع من الأرض وإن لم يكن لها جريان، ومياه غير الآبار من المصانع والغدران والحياض والأواني المحصورة.
فمياه غير الآبار على ضربين: قليل وكثير. فللكثير حدان:
أحدهما: أن يكون مقداره ألف رطل ومائتي رطل، وفي أصحابنا من يقول:
بالعراقي وفيهم من يقول: بالمدني، والأول أصح.
والحد الآخر: أن يكون مقداره ثلاثة أشبار ونصفا طولا في عرض في عمق، فما بلغ هذا المقدار لا ينجسه ما تقع فيه من النجاسات إلا ما يغير أحد أوصافه من