وقال قوم: اختص النبي بهذه الصلاة والصحيح أنه يجوز لغيره.
وقال قوم في قوله: فليس عليكم جناح أن تقصروا، يعني في عددها، فيصلوا الرباعيات ركعتين، وظاهرها يقتضي أن التقصير لا يجوز إلا إذا خاف المسافر لأنه قال: إن خفتم أن يفتنكم، ولا خلاف اليوم أن الخوف ليس بشرط فيه لأن السفر المخصوص بانفراده سبب التقصير، والصحيح أن فرض السفر مخالف لفرض المقيم، وليس ذلك قصرا لقوله ع: فرض المسافر ركعتان غير قصر، وأما الخوف بانفراده فإنه يوجب القصر.
ومعنى قوله: فليس عليكم جناح أن تقصروا، أي من حدود الصلاة في شدة الخوف، وروي أن يعلى بن منبه قال لعمر: كيف تقصر الصلاة في السفر وقد أمنا؟ فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت النبي ص عن ذلك، فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، ولا يقرأ أبي في الآية " إن خفتم ".
فصل:
وقوله: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم، المعنى أيها المؤمنون إذا فرغتم من صلاتكم وأنتم مواقفو عدوكم فاذكروا الله في حال قيامكم وفي حال قعودكم ومضطجعين على جنوبكم، وادعوا لأنفسكم بالظفر على عدوكم لعل الله ينصركم، عليهم، وهو كقوله يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فأثبتوا واذكروا الله.
ثم قال: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة معناه إذا استيقنتم بزوال الخوف من عدوكم وحدوث الأمن لكم فأتموا الصلاة بحدودها غير قاصريها عن شئ من الركوع والسجود، وإن كنتم صليتم إيماءا بعضها، وهذا أقوى من قول من قال: معناه إذا استقررتم في أوطانكم فأتموها التي أذن لكم في قصرها في حال خوفكم وسفركم، لأنه قال " وإذا كنت فيهم "، فلما قال " فإذا اطمأننتم " كان معلوما أنه تعالى يريد إذا اطمأننتم من الحال التي لم تكونوا فيها مقيمين صلاتكم فأقيموها مع حدودها غير قاصرين لها.