فصل:
وقوله تعالى: ولله المشرق والمغرب، قال قوم: كان ابن عمر يصلى حيث توجهت به راحلته في السفر تطوعا، ويذكر أن رسول الله ص كان يفعل ذلك، ويتأول عليه هذه الآية، فالمصلي نافلة على الراحلة ومن يصلى صلاة شدة الخوف ومن كان في السفينة ثم دارت، يستقبل كل واحد من هؤلاء الثلاثة قبلته بتكبيرة الإحرام ثم يصلى كيف شاء والآية تدل على جميع ذلك.
وقيل: نزلت في قوم صلوا في ظلمة وقد خفيت عليهم جهة القبلة، فلما أصبحوا إذا هم صلوا إلى يمين القبلة أو يسارها، فأنزل الله الآية، وقيل: المراد بقوله " فثم وجه الله " أي فثم رضوان الله كما يقال: هذا وجه الصواب، وقيل المراد به فثم جهة القبلة وهي الكعبة لأنه يمكن التوجه إليها من كل مكان، وعن ابن عباس: إنه رد على اليهود لما أنكروا تحويل القبلة إلى الكعبة، فقال: ليس هو في جهة دون جهة كما يقول المشبهة، وقال الزجاج في قوله " إن الله واسع عليم " إنه يدل على التوسعة للناس فيما رخص لهم في الشريعة.
فصل:
وإذا نوى الانسان السفر لا يجوز أن يقصر حتى يغيب عنه البنيان ويخفى عنه أذان مصره أو جدران بلده، والدليل عليه من القرآن قوله: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، ومن نوى السفر ولم يفارق موضعه فلا يجوز له القصر، وإذا فارق بنيان بلده يجوز له التقصير، ولا يجوز أن يقصر ما دام بين بنيان البلد سواء كانت عامرة أو خرابا، فإن اتصل بالبلد بساتين فإذا حصل بحيث لا يسمع أذان المصلي قصر، فإن كان دونه تمم، ومن خرج من البلد إلى موضع بالقرب مسافة فرسخ أو فرسخين بنية أن ينتظر الرفقة هناك والمقام عشرا فصاعدا، فإذا تكاملوا ساروا سفرا فيه يجب عليهم التقصير، ولا يجوز أن يقصر إلا بعد المسير من الموضع الذي يجتمعون فيه، لأنه ما نوى بالخروج إلى هذا الموضع سفرا يجب فيه التقصير، وإن لم ينو المقام عشرة أيام هناك وإنما خرج بنية سفر