فصل:
وقوله تعالى: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا، يدل على ما ذكرناه من صلاة شدة الخوف، لأن معناه إن خفتم فصلوا على أرجلكم، لأن الراجل هو الكائن على رجله واقفا كان أو ماشيا.
والخائف إن صلى منفردا صلاة شدة الخوف الذي نقوله أنه يصلى ركعتين يومئ إيماءا ويكون سجوده أخفض من ركوعه، وإن لم يتمكن كبر عن كل ركعة تكبيرة على ما ذكرناه وهكذا صلاة شدة الخوف إذا صلوها جماعة، وإلى هذا ذهب الضحاك وإبراهيم النخعي.
وروي أن أمير المؤمنين ع صلى ليلة الهرير ويومه خمس صلوات بالإيماء وقيل بالتكبير، وأن النبي ص صلى يوم الأحزاب إيماءا.
وقال الحسن وقتادة وابن زيد: يجوز أن يصلى الخائف ماشيا، وقال أهل العراق:
لا يجوز لأن المشي عمل والأول أصح لأنه تعالى قال: ما جعل عليكم في الدين من حرج.
وعن ابن عباس في رواية أن القصر في قوله: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا، المراد به صلاة شدة الخوف، يقصر من حدودها ويصليها إيماءا وهو مذهبنا، ثم قال: فإذا أمنتم فاذكروا الله، قيل: إنه الصلاة، أي فصلوا صلاة الأمن واذكروه بالثناء عليه والحمد له.
باب فضل المساجد وما يتعلق بها من الأحكام:
قال الله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا، قال الخليل: التقدير ولأن المساجد لله أخبر تعالى ألا يذكر مع الله في المساجد التي هي المواضع التي وضعت للصلاة أحدكما يدعو النصارى في بيعهم والمشركون في الكعبة، وقيل: من السنة أن يقال عند دخول المسجد: " لا إله إلا الله لا أدعو مع الله أحدا "، وقيل: معناه أنه يجب أن يدعوه بالوحدانية، ومن هنا لا ينبغي للإنسان أن يشتغل بشئ من أمور الدنيا في المساجد، ثم رغب الله بقوله: وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، فيما يستحب من الأدعية عند دخول المساجد المروية، فإنه أمر منه تعالى وترغيب بهذا الدعاء وبغيره