فصل:
يجب التقصير في الصلاة والصوم في كل سفر بلغ ثمانية فراسخ، بريدين، أربعة وعشرين ميلا، إلا إذا كان السفر معصية فإنه لا يجوز فيه، وذلك مثل اتباع السلطان الجائر في طاعته من غير ضرورة، وطلب الصيد للهو والبطر لا لنفقة العيال، فأما للتجارة فروي: أنه يتم الصلاة ويفطر الصوم، وإذا كانت المسافة أربع فراسخ وأراد الرجوع من يومه قصر، وإن لم يرد ذلك وكان أربعة فصاعدا ولم يبلغ الثمانية فهو مخير بين الإتمام والتقصير في الصلاة دون الصوم، وإن نقص عن أربعة لم يجز التقصير في الصلاة أيضا، ومع ما ذكرنا لا يجوز التقصير إلا بعد أن يخرج ويتوارى عنه جداران بلده، أو يخفى عليه أذان مصره، والمسافة في البحر كهي في البر في ذلك، وإذا ردت الريح السفينة فوقفت لذلك كان الفرض التقصير لأنه لم ينو المقام.
المكاري والملاح والراعي والبريد والبدوي، والذي لم يكن له دار مقام، والوالي الذي يدور في ولايته، والذي يدور في جبايته، والدائر في تجارته من سوق إلى سوق، ومن كان سفره أكثر من حضره، لا يجوز لهؤلاء التقصير إلا إذا كان لهم في بلدهم مقام عشرة أيام، فحينئذ يجب التقصير، وإن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيام قصروا الصلاة بالنهار وتمموها بالليل، ولا يحتاج إلى نية التقصير بل ينوي فرض الوقت فحسب.
ومن خرج بنية السفر ثم بدا له وهو في الصلاة تمم، وإذا خرج من منزله وقد دخل وقت الصلاة وجب عليه التمام إذا بقي من الوقت ما يفي به، فإن تضيق الوقت قصر، وكذا إذا قدم وقد بقي وقت التمام تمم وإلا قصر، قال المرتضى رضي الله عنه: الأظهر أنه يصلى بحسب حاله وقت الأداء فيتمم الحاضر ويقصر المسافر ما داما في وقت من الصلاة وإن كان أخيرا، فإن خرج الوقت لم يجز إلا قضاؤها بحسب حاله عند دخول أول وقتها، ومن دخل عليه الوقت وهو مسافر فنوى المقام قبل خروج الوقت لزمه. وكل من تعلق عزمه بعزمه التمام، فإن غير نيته عن المقام بعد أن صلى على التمام ولو واحدة لم يجز له التقصير إلا بعد الخروج، وإن غير نيته قبل أن يصلى شيئا على التمام قصر ما بينه وبين شهر، فإذا مضى شهر لم يجز له التقصير ولو صلاة واحدة، ومن دخل في الصلاة بنية