يكن فيها أحد فقولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فهذا على الحقيقة والأول مجاز وكلاهما يجوز أن يكون مرادا.
وقوله تعالى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوأ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين، أمرهم الله أن يصلوا في بيوتهم ويجعلوا في البيوت قبلة أي مصلى إذا كانوا خائفين وهذا رخصة، وكل ما يعلم صحة كونه في شريعة نبي ولا يعرف فيه نسخ ولم يرد فيه نهي، فالأصل فيه أنه باق على حاله.
وعن ابن عباس: كان فرعون أمر بهدم مساجدهم فأمروا أن يصلوا في بيوتهم. وقد تقدم في قوله: وأن المساجد لله، أنه يمكن أن يستدل به على أنه ينبغي أن يجنب المساجد البيع والشراء وإنشاد الشعر ورفع الأصوات وغير ذلك مما هو محظور أو مكروه، ولذلك استدل قوم بهذه الآية على أن النوم يكره في المساجد.
فصل:
وقوله تعالى: ومن أظلم ممن منع مساجد الله يذكر فيها اسمه، المراد بذلك مشركو العرب من قريش، لأنهم صدوا النبي ع عن المسجد الحرام وهو المروي عن الصادق ع، وقيل: أراد جميع المساجد، وقيل: إنهم الروم غزوا بيت المقدس وسعوا في خرابه، وقيل: هو بخت نصر خرب بيت المقدس، وإذا صح وجه منها لا يجب الاقتصار عليه لأن نزول حكم في سبب لا يوجب الوقوف عليه، ويجوز أن يعني به غيره للعموم، أ لا ترى إلى قوله: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، نزل في الصوم فلما كانت الآية عامة وإن وردت في سبب - وجب حملها على عموم اللفظ دون خصوص السبب.
وقال الطبري: إن كفار قريش لم يسعوا قط في تخريب المسجد الحرام، وهذا ليس بشئ لأن عمارة المسجد بالصلاة فيه وخرابه المنع من أن يصلى فيه على أنهم قد هدموا مساجد كانت بمكة كان المسلمون يصلون فيها لما هاجر رسول الله ص، وذكر المساجد لأن كل موضع منه مسجد ثم يدخل في خرابه جميع المساجد.