ولنا فيهما مسألة قد جنحنا الكلام فيها وأشبعناه وانتهينا في ذلك إلى الغاية القصوى. وبين أصحابنا فيما يوجب سجدتي السهو خلاف، فذهب بعضهم: إلى أنها في أربعة مواضع، وقال آخرون: في خمسة مواضع، وقال الباقون الأكثرون المحققون: في ستة مواضع، وهو الذي اخترنا لما فيه من الاحتياط لأن العبادات يجب أن يحتاط لها ولا يحتاط عليها.
قد بينا أنه إذا سها عن التشهد الأول ولم يذكره حتى ركع في الثالثة فالواجب عليه المضي في صلاته، فإذا سلم منها قضاه وسجد سجدتي السهو، فإن أحدث بعد سلامه وقبل الإتيان بالتشهد المنسي وقبل سجدتي السهو فلا تبطل صلاته، بحدثه الناقض لطهارته بعد سلامه منها لأنه بسلامه انفصل منها فلم يكن حدثه في صلاته بل بعد خروجه منها بالتسليم الواجب عليه، فإذا كان المنسي هو التشهد الأخير وأحدث ما ينقض طهارته قبل الإتيان به فالواجب عليه إعادة صلاته من أولها مستأنفا لها لأنه بعد في قيد صلاته لم يخرج منها ولا فرع بسلام يجب عليه بل ما فعله من السلام ساهيا في غير موضعه كلا سلام بل هو في قيد الصلاة بعد لم يخرج منها بحال، فليلحظ الفرق بين المسألتين والتسليمتين فإنه واضح للمتأمل المحصل.
باب القول في لباس المصلي والقول في أماكن الصلاة وما يجوز أو يكره الصلاة إليه أو عليه وما يتعلق بذلك:
كل مصل من الذكران يجب عليه ستر عورته وهما قبله ودبره، وقد روي: أن عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبتيه وقد ذهب إلى ذلك بعض أصحابنا وهو الفقيه ابن البراج وهو مذهب الشافعي، والإجماع من فقهاء أهل البيت على المذهب الأول وهو القبل والدبر فحسب.
وما عدا ذلك فندب مستحب وبعضه أفضل من بعض وأكمل من الجميع.
التجمل في الصلاة يلبس جميل الثياب وأن يكون معمما محنكا مسرولا مرتديا برداء، فأما العريان فإن قدر على ما يستر عورته من خرق أو ورق أو حشيش أو طين يطلى به وجب عليه أن يسترها، فإن لم يقدر على ذلك صلى قائما مومئا بالركوع والسجود سواء كان