إنما يجوز في صلاة شدة الخوف على بعض الوجوه، وفي الناس من قال: كان النبي ع صلى بهم ركعة فلما قام خرجوا من الجماعة وتمموا صلاتهم، فعلى هذا صلاة الخائف ركعة في الجماعة وركعة على الانفراد لكل واحدة من الفرقتين، وقوله: وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، يجوز أن يرجع الضمير إلى جميع المسلمين من الفرقتين، أي يأخذون السلاح والحذر في حال الصلاة.
وقوله: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم، معناه تمني الكافرون لو تعتزلون عن أسلحتكم وأمتعتكم التي بها بلاغكم في أسفاركم فتسهون عنها " فيميلون عليكم " أي يحملون عليكم حملة واحدة وأنتم متشاغلون بصلاتكم عن أسلحتكم وأمتعتكم، فيصيبون منكم غرة فيقتلونكم ويستبيحون عسكركم وما معكم، والمعنى لا تشاغلوا بأجمعكم بالصلاة عند مواقفة العدو فتمكنون عدوكم من أنفسكم وأسلحتكم، ولكن أقيموها على ما بينت وخذوا حذركم بأخذ السلاح.
ومن عادة العرب أن يقولوا: ملنا عليهم، أي حملنا عليهم، وقال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري لرسول الله ليلة العقبة الثانية: والذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا، فقال ع: لم نؤمر بذلك، يعني في ذلك الوقت.
فصل:
ثم قال تعالى: ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم، معناه لا حرج عليكم ولا إثم إن نالكم مطر وأنتم موافقو عدوكم أو كنتم جرحى أن تضعوا أسلحتكم إذا ضعفتم عن حملها، لكن إذا وضعتموها فخذوا حذركم أي احترزوا منهم أن يميلوا عليكم وأنتم غافلون، وقال: طائفة أخرى ولم يقل طائفة آخرون، ثم قال: " لم يصلوا فليصلوا " حملا للكلام مرة على اللفظ ومرة على المعنى، كقوله:
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، ومثله: فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة، والآية تدل على نبوته ع فالآية نزلت والنبي بعسفان والمشركون بضجنان وهموا أن يغيروا عليهم فصلى بهم العصر صلاة الخوف.