مع النبي من السجدتين وقاموا سجد الآخرون، فلما فرغوا من السجدتين وقاموا تأخر الصف الذين يلونه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول، ثم ركع رسول الله وركعوا جميعا في حالة واحدة، ثم سجد وسجد معه الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم، فلما جلس رسول الله والصف الذي يليه سجد الآخرون، ثم جلسوا وتشهدوا جميعا فسلم بهم أجمعين.
وإن كان العدو في خلاف جهة القبلة يصلون كما وصفه الله في كتابه حيث قال:
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة، وهي مشروحة في كل كتاب.
وإذا كان في المسلمين كثرة يمكنهم أن يفترقوا فرقتين وكل فرقة يقاوم العدو، جاز أن يصلى بالفرقة الأولى الركعتين ويسلم بهم ثم يصلى بالطائفة الأخرى الركعتين أيضا، ويكون نفلا له وهي فرض للطائفة الثانية ويسلم بهم وهكذا صلى ع بذات النخل، وهذا يدل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل وعلى عكسه، وصلاة الخوف مقصورة على وجهين سفرا وحضرا على ما تقدم.
فصل:
وقوله وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة، معناه وإذا كنت في الضاربين في الأرض من أصحابك يا محمد، أي المسافرين الخائفين عدوهم أن يفتنوهم " فأقمت لهم الصلاة " يعني أتممت لهم الصلاة بحدودها وركوعها وسجودها ولم تقصرها القصر الذي يجب في صلاة شدة الخوف من الاقتصار على الإيماء، فليقم طائفة من أصحابك الذين أنت فيهم معك في صلاتك وليكن سائرهم في وجه العدو، ولم يذكر ما ينبغي أن يفعله الطائفة غير المصلية من حمل السلاح وحراسة المصلين لدلالة الكلام والحال عليه، لأنها لا بد أن يكونوا آخذين السلاح. ثم قال: وليأخذوا أسلحتهم، قال قوم: الفرقة المأمورة في الظاهر هي المصلية مع رسول الله، والسلاح مثل السيف يتقلد به والخنجر يشده إلى درعه وكذا السكين ونحوه وهو الصحيح.
قال ابن عباس: الطائفة المأمورة بأخذ السلاح هي التي بإزاء العدو دون المصلية