بعيد إلا أنه ينتظر قوما يتصلون به هناك اليوم أو غدا فالظاهر أنه يقصر.
وحكى قتادة عن أبي العالية أن قصر الصلاة في حال الأمن بنص القرآن، قوله:
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون. هذا إذا كان التقصير يراد بها في السفر كما يراد في الشعر بعد الإحرام.
ومن شجون الحديث أن ابن عباس قال: اتخذت النصارى المشرق قبلة لقوله: واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذوا ميلاد عيسى قبلة، كما سجدت اليهود على حرف وجوههم لقوله: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة، فسجدوا وجعلوا ينظرون إلى الجبل فوقهم بحرف وجوههم مخافة أن يقع عليهم فاتخذوها سنة.
باب صلاة الخوف:
قال تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، اعلم أن صلاة الخوف على ضربين: أحدهما: صلاة شدة الخوف وهو إذا كان في المسلمين قلة لا يمكنهم أن يفترقوا فرقتين، فعند ذلك يصلون فرادى إيماءا ويكون سجودهم على قربوس سرجهم، فإن لم يتمكنوا من ذلك ركعوا وسجدوا بالإيماء ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم، فإن زاد الأمر على ذلك أجزأهم عن كل ركعة أن يقولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، والقصر في الآية التي تلوناها الآن هو هذا التفصيل.
والضرب الثاني: هو إذا لم يبلغ الخوف إلى ذلك الحد وأرادوا أن يصلوا فرادى، صلى كل واحد منهم صلاة تامة الركوع والسجود، ويبطل حكم القصر إلا في السفر مع الانفراد ذكره الشيخ أبو جعفر في بعض كتبه.
فإن أرادوا أن يصلوا جماعة نظروا فإن كان في المسلمين كثرة والعدو في جهة القبلة صلوا كما صلى النبي ص يوم بني سليم، فإنه قام والمشركون أمامه - يعني قدامه - فصف خلف رسول الله صف وبعد ذلك الصف صف آخر، فركع رسول الله وركع الصفان ثم سجد وسجد الصف الذين يلونه وكان الآخرون يحرسونهم فلما فرع الأولون