بل رفع الحظر الذي أوقعه بقوله: وذروا البيع، وقد أطبقوا على أن هذا الأمر الوارد بعد الحظر يقتضي الإباحة، والصحيح أن حكم لفظ الأمر الواقع بعد الحظر هو حكم أمر المبتدأ فإن كان مبتدأ على الوجوب أو الندب أو الوقف على الحالين فهو كذلك بعد الحظر، وهذا قوي في الدلالة على وجوب هذه الصلاة على هذه الهيئة، لأنها لو لم تجب لكان الانتشار مباحا قبل إتمامها، ويدخل في الانتشار سائر التصرف خصوصا مع ذكر ابتغاء الفضل.
وقيل: في قوله: وابتغوا من فضل الله، أي اطلبوا من فضله بعمل الطاعة والدعاء له تعالى وعيادة المريض وحضور الجنائز وزيارة الإخوان في الله واذكروا إحسانه لتفلحوا، وقيل: هذا أمر بزيادة التعقيب الذي يستحب يوم الجمعة والعموم يتناول جميع ذلك.
والإمام إذا قرب من الزوال ينبغي أن يصعد المنبر ويأخذ في الخطبة بمقدار ما إذا خطب الخطبتين زالت الشمس، فإذا زالت نزل فصلى بالناس. وفحوى الآية يدل عليه، ويفصل بين الخطبتين بجلسة كلا ولاء، وهذا التفصيل يعلم بعمل رسول الله وقوله من القرآن على الجملة، قال تعالى: ما آتاكم الرسول فخذوه، وهذا الفصل بينهما سنة عندنا، وقال الشافعي وأبو حنيفة هو واجب، ويحرم الكلام على من حضر ويجب عليه الإصغاء إلى الخطبتين لأنهما بدل من الركعتين، ولا يذكر فيهما إلا الحق وإلا فلا جمعة.
ومن دخل المسجد والإمام يخطب فلا يتطوع لأن ذلك شاغل له عن سماع الخطبة واستماعها أفضل من التطوع بالصلاة إذ هو بدل من ركعتي فرض الظهر في سائر الأيام على ما روي، ومن وجد الإمام قد رفع رأسه من الركوع في الثانية فقد فاتته الجمعة وعليه الظهر أربع ركعات، ومن أدرك مع الإمام ركعة فإذا سلم الإمام قام فأضاف إليها ركعة أخرى يجهر فيها وقد تمت جمعته.
فصل:
وعن أبي عبد الله ع في قوله: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، قال: الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت، وفي الخبر: أن الله بارك لأمتي في خميسها وسبتها لأجل الجمعة، وقال الصادق ع: إني لأركب في الحاجة التي كفاها الله،