أصول المذهب ويعضده النظر والاعتبار ولأنه عمل جميع الأعصار، ولقوله تعالى: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، والنداء للصلاة هو الأذان لها، فالأذان لا يجوز قبل دخول وقت الصلاة، ولعل شيخنا أبا جعفر رحمه الله سمعه من المرتضى في الدرس وعرفه منه مشافهة دون المسطور، وهذا هو العذر البين فإن الشيخ ما يحكي بحمد الله تعالى إلا الحق اليقين فإنه أجل قدرا وأكثر ديانة من أن يحكي عنه ما لم يسمعه ويحققه منه.
وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان في تفسيره سورة الجمعة قوله: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، قال معناه إذا سمعتم أذان يوم الجمعة فامضوا إلى الصلاة، وقال، في قوله: وذروا البيع، معناه إذا دخل وقت الصلاة اتركوا البيع والشراء.
قال الضحاك: إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء، وقال الحسن: كل بيع يفوت فيه الصلاة يوم الجمعة فإنه بيع حرام لا يجوز، وهو الذي يقتضيه مذهبنا لأن النهي يدل على فساد المنهي عنه. قال محمد بن إدريس: وهذا الذي ذكره رحمه الله في تبيانه دليل على رجوعه عما قاله في نهايته، ووفاق لما اخترناه من أن الخطبة والأذان لا يكونان إلا بعد زوال الشمس فليلحظ ذلك.
فإذا دخل الإمام في الصلاة فالمستحب له أن يقرأ في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بالمنافقين جاهرا بقراءتهما، وذهب بعض أصحابنا أن قراءة السورتين له واجب لا يجزئه أن يقرأ بغيرهما، والمستحب للمنفرد يوم الجمعة أيضا قراءتهما وأنه إن ابتدأ بغيرهما كان له أن يرجع إليهما، وإن كان ابتداؤه أيضا بسورة الإخلاص وسورة الجحد اللتين لا يرجع عنهما إذا أخذ فيهما ما لم يبلغ نصف السورة، فإن بلغ النصف تمم السورة وجعلها ركعتي نافلة وابتدأ الصلاة بالسورتين وذلك على جهة الأفضل في هذه الفريضة خاصة لأنه لا يجوز نقل النية من الفرض إلى الندب إلا في هذه المسألة، وفي موضع آخر ذكرناه في باب الجماعة.
فأما نقل النية من النفل إلى الفرض فلا يجوز في موضع من المواضع على وجه من الوجوه، فليلحظ ذلك على ما روي في بعض الأخبار وأورده شيخنا في نهايته، والأولى عندي ترك العمل