آخر فلا حاجة بنا إلى ذلك بل إذا قلنا: كمال العقل أجزأنا عن البلوغ، وإذا قلنا: البلوغ لم يجزئنا، فالكمال شامل يدخل فيه القسم الآخر ولا حاجة بنا إلى القسمين الآخرين في عدد من يسقط عنه الجمعة على ما قدمناه.
وما يرجع إلى الجواز: الاسلام والعقل، فالعقل شرط في الوجوب والجواز معا، والإسلام شرط في الجواز لا غير دون الوجوب لأن الكافر عندنا متعبد ومخاطب بالشرائع، وإنما قلنا ذلك لأن من ليس بعاقل أو ليس بمسلم لا تصح منه الجمعة وما عدا هذين الشرطين من الشرائط المقدم ذكرها شرط في الوجوب دون الجواز لأن جميع من قدمنا ذكره يصح منه فعل الجمعة.
والناس في باب الجمعة على ضروب: من تجب عليه وتنعقد به، ومن لا تجب عليه ولا تنعقد به، ومن تنعقد به ولا تجب عليه، ومن تجب عليه ولا تنعقد به.
فأما من تجب عليه وتنعقد به فهو كل من جمع الشرائط المقدم ذكرها. ومن لا تجب عليه ولا تنعقد به فهو: الصبي والمجنون والمرأة قبل حضورها المسجد مع الإمام، فأما إن تكلفت الحضور وجب عليها صلاة ركعتين غير أنها لا يتم بها العدد ولا تنعقد بها الجمعة.
وأما من تنعقد به ولا تجب عليه فهو: المريض والأعمى والأعرج والشيخ الذي لا حراك به، ومن كان على رأس أكثر من فرسخين والعبد والمسافر فهؤلاء لا يجب عليهم الحضور، فإن حضروا الجمعة وتم بهم العدد وجب عليهم وانعقدت بهم الجمعة وتم بهم العدد.
وأما من تجب عليه ولا تنعقد به فهو الكافر والمحدث الذي على غير طهارة فهما مخاطبان عندنا بالعبادة ومع هذا لا تنعقد بهما لأنهما لا تصح منهما الصلاة وهما على ما هما عليه.
من كان في بلد وجب عليه حضور الجمعة سمع النداء أو لم يسمع، فإن كان خارجا عنه وبينه وبينه أقل من فرسخين وجب عليه أيضا الحضور، فإن زادت المسافة على ذلك لا يجب عليه.
ثم لا يخلو أن يكون فيهم العدد الذي تنعقد بهم الجمعة أم لا، فإن كانوا كذلك وجب عليهم الجمعة بشرط أن يكون فيهم الإمام أو من نصبه الإمام للصلاة، وإن لم يكونوا لم تجب عليهم غير الظهر أربع ركعات، ومتى كان بينهم وبين البلد أقل من فرسخين وفيهم العدد