فأما فرض يومه وليلته في زمان التعيش فلا يجوز أن يفعله إلا في آخر الوقت كما قلناه قبل، فإن الوجه في ذلك لا يتغير بإباحة التعيش، فأما النوم فيجري ما يمسك الحياة منه في وجوب التشاغل به مجرى ما يمسك الحياة من الغذاء وتحصيله، وإذا دخل المصلي في صلاة العصر فلما صلى بعضها ذكر أن عليه صلاة الظهر فالواجب عليه نقل نيته إلى صلاة الظهر، ونوى أن ما صلاه ويصليه إنما هو عن الظهر ويصلى العصر بعدها، وكذلك إن صلى من المغرب بعضها وذكر أن عليه صلاة العصر أو صلى من العشاء الآخرة ركعة أو ما زاد عليها وذكر أن عليه المغرب يجب عليه نقل النية فإن لم يفعل بطلت الصلاة التي افتتحها وما أجزأت عن التي ذكرها لأنه لم يصلها بنيتها.
ومن نسي صلاة فريضة من الخمس وأشكل عليه أيها هي بعينها فليصل اثنتين وثلاثا وأربعا بثلاث تكبيرات إحرام وثلاث نيات، فإن كان الذي فاته الفجر كانت الركعتان عنها لأنه نوى بها الفجر، وإن كانت المغرب فالثلاث عنها لأنه نوى بها المغرب، وإن كان الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة فالأربع بدل عنها لأنه نوى الذي فاته وعلمه الله تعالى لأن تعيينه ليس في مقدوره بل ينوي: أصلي إن ظهر فظهر وإن عصر فعصر وإن عشاء آخرة فعشاء آخرة، فإن كان فاتته تلك الصلاة مرات كثيرة فعل ذلك وصلى اثنتين وثلاثا وأربعا مرات كثيرة إلى أن يغلب على ظنه براءة ذمته وأنه قد قضى ما فاته هذا في حق الحاضر ومن في حكمه من المسافرين.
فأما المسافر إذا فاتته صلاة من الخمس ولم يدر أيها هي فالواجب عليه أن يصلى الخمس الصلوات الظهر ركعتين والعصر كذلك والعشاء الآخرة والمغرب ثلاث ركعات والفجر ركعتين.
وحمل ذلك على المسألة المتقدمة قياس وهو باطل عندنا، ولولا الاجماع المنعقد على عين تلك المسألة لما قلنا به لأن الصلاة في الذمة بيقين، ولا تبرأ إلا بيقين مثله ولم يورد ويجمع أصحابنا إلا على صورة المسألة وتعيينها في حق من فرضه أربع ركعات من الحاضرين ومن في حكمهم فالتجاوز عن ذلك قياس بغير خلاف وفيه ما فيه فليلحظ ذلك.
ومن فاتته الخمس بأجمعها فليصلها مرتبا لها بخمس نيات وخمس تكبيرات إحرام