فسجد السجدتين، فإن ذكر بعد ذلك أنه كان قد سجدهما أعاد الصلاة فإن شك بعد ما يركع مضى في صلاته وليس عليه شئ.
وقال أيضا: وإن شك في واحدة من السجدتين وهو قاعد أو قائم قبل الركوع فليسجد، فإن ذكر بعد ذلك أنه كان سجد لم يكن عليه شئ، فإن كان شكه فيها بعد الركوع مضى في صلاته وليس عليه شئ.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: هذا الذي حكيته عن الشيخ أبي جعفر رحمه الله في نهايته مخالف لما ذهب إليه في جمله وعقوده ولما عليه أصول المذهب والعمل والفتوى من فقهاء العصابة، لأن هذه المسائل من القسم الذي لا حكم له وهو: من شك في شئ وقد انتقل إلى حالة أخرى، مثاله من شك في تكبيرة الافتتاح وهو في حال القراءة أو في القراءة وهو في حال الركوع أو في الركوع وهو في حال السجود أو شك في السجود وهو في حال القيام أو في التشهد الأول وقد قام إلى الثالثة، وهذا مذهب أصحابنا بأجمعهم لا خلاف بينهم في ذلك وهذا أيضا مذهبه في الجمل والعقود والمبسوط والاقتصاد وسائر كتبه وقد بينا وجه الاعتذار له في غير موضع، واعتذر هو أيضا لنفسه عما يوجد في كتاب النهاية في خطبة المبسوط على ما أومأنا إليه من قبل وقال: قد أوردت الألفاظ على جهتها ولم أغير شيئا منها وذكرت ما ورد من الأخبار.
وقلنا: إنه رضي الله عنه أورده أيضا إيرادا لا اعتقادا لصحته والفتوى والعمل به فهذا وجه الاعتذار له وإلا كيف يقول: من شك في السجدتين و هو قاعد أو قد قام قبل أن يركع عاد فسجدهما؟ ولا خلاف في أنه إذا شك فيهما بعد قيامه وانفصاله من حال الجلوس لا يلتفت إلى شكه وكان وجود شكه كعدمه بغير خلاف، بل إذا كان شكه في السجدتين في حال سجوده وجلوسه قبل قيامه فإنه يجب عليه أن يسجدهما ليكون على يقين من براءة ذمته لأن حالهما ما تقضت، فأما إذا قام من حال السجود ثم شك فيهما لا يلتفت إلى الشك ولا يرجع عن يقينه بشكه لأنه ما قام إلا بعد يقينه - لسجودهما، فإذن لا فرق بين أن يشك فيهما بعد ركوعه أو بعد قيامه وقبل ركوعه فليلحظ ذلك، وكذلك قوله: إن شك في واحدة من السجدتين وهو قاعد أو قائم قبل الركوع فليسجد، أما سجوده وهو قاعد فصحيح وأما وهو قائم فليس بصحيح على ما بيناه وحققناه فليتأمل، ولا يقلد إلا الأدلة دون المسطور. عاد القول إلى تمام