أنه ليس هو على حق، وأن خصمه هو المحق وهذا مما لا غبار عليه، ولا علاقة له بما نحن بصدده.
إلا أن الصحيح هو أن حمل الحكام في الآية الشريفة على حكام الجور ليس بحاجة إلى الاستشهاد له برواية أبي بصير حتى يرد ذلك بضعف سند تلك الرواية، بل الآية في نفسها واضحة في إرادة حكام الجور، لأن الآية بصدد النهي عن الإدلاء بالأموال إلى الحكام، ومن الواضح أن أخذ الرشا إنما هو شأن حكام الجور دون حكام العدل.
ومع هذا فقد يقال: إن رواية ابن فضال لا تغنينا شيئا في المقام، فإنها مشتملة على فقرتين:
الأولى: قوله: " الحكام القضاة " وهذا راجع إلى تفسير قوله - تعالى -:
* (وتدلوا بها إلى الحكام) *.
والثانية: قوله: " هو أن يعلم الرجل أنه ظالم، فيحكم له القاضي فهو غير معذور في أخذه ذلك الذي قد حكم له إذا كان قد علم أنه ظالم "، وهذا لا علاقة له بقوله: * (تدلوا بها إلى الحكام) *، وإنما هو راجع إلى قوله - تعالى -: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *، فهذا يعني أن الأكل بالباطل يكون من قبيل أن القاضي يحكم لصالح أحد المتخاصمين، وهو يعلم أنه على باطل، وأن خصمه على حق، فيعمل بحكم القاضي، فهذا غير جائز، وهذا واضح لا شك فيه، ولم يؤخذ في موضوعه فرض كون القاضي جائرا. إلا إذا استظهر أن المراد بالقاضي هو المراد من كلمة الحكام في الآية الشريفة.
4 - روايات جواز تغيير الشهادة أمام حاكم الجور بالشكل الذي يقنعه