على حمل الحكام في الآية على حكام الجور، وكرواية أبي بصير الأخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال في رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء: (كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به) * الآية) (1).
فإما أن نبني على قاعدة انقلاب النسبة، ونقيد رواية ابن فضال والروايتين السابقتين بما دل على النهي عن الترافع عند قضاة الجور مع إمكانية الترافع عند قضاة العدل، فتخص هذه الروايات بصورة عدم إمكانية الرجوع إلى قاضي العدل، ثم نقيد روايات المنع المطلق عن الترافع إلى قاضي الجور بهذه الروايات.
وإما أن لا نبني على قاعدة انقلاب النسبة، فنقول بأن روايات المنع المطلق تعارضت مع هذه الروايات، وبعد التساقط رجعنا إلى روايات المنع المختصة بفرض إمكانية الرجوع إلى قاضي العدل، ويبقى الرجوع إلى قاضي الجور بهدف استنقاذ الحق عند العجز عن الرجوع إلى قاضي العدل باقيا تحت أصالة الجواز، فإن كلامنا هنا في الجواز وعدمه، لا في النفوذ وعدم النفوذ حتى تجري أصالة عدم النفوذ لا أصالة البراءة.
هذا وقد يقال في إبطال التمسك برواية ابن فضال لإثبات جواز الرجوع إلى قاضي الجور: إن ضعف سند رواية أبي بصير التي جعلناها قرينة على حمل الحكام في الآية على حكام الجور بعبد الله بن بحر الواقع في سند هذا الحديث يجعلنا لا نملك دليلا على كون النظر في رواية ابن فضال إلى حكام الجور، فلعل المقصود من رواية ابن فضال مجرد تحريم العمل من قبل المحكوم له بحكم القاضي لو علم بينه وبين الله