أن أولئك الناس الذين تشير إليهم الآية المباركة كانوا قادرين على التحاكم عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلا إطلاق في الآية لمن لا يقدر على التحاكم عند قاضي العدل.
وصحيح أن ذكر الوصف المذكور في الآية وهو إرادة التحاكم عند الطاغوت مشعر بالعلية، لكنه - بعد أن كانت القضية خارجية - لا يدل على أنه هو تمام العلة وعدم دخل أي وصف آخر - كوصف القدرة على التحاكم عند قاضي العدل - في العلة، على أن ما قبل الآية - من الأمر برد النزاع إلى الله والرسول -، وكذلك ما بعد الآية - الوراد في تنكيل من قيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول فصدوا عن ذلك - قد يكون صالحا للقرينية على عدم الإطلاق والنظر إلى خصوص فرض إمكانية الرد إلى الله والرسول.
هذا وقد يقال: إن هناك آية أخرى لا يبعد تمامية الإطلاق فيها، هي قوله - تعالى -: * (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) * (1). فهذه الآية تشمل ما نحن فيه حتى لو فسرت الآية بمعنى الركون إلى الظالم في ظلمه وبما هو ظالم لا مطلقا، فإن التذرع في تحصيل الحق إلى حاكم الجور - الذي يكون إشغاله لمنصب الحكومة ظلما - ركون إلى الظالم في ظلمه، فهو حرام حتى مع العجز عن التحاكم إلى قاضي العدل وفق إطلاق الآية الكريمة. إلا أن يقال: بأن الركون يعطي معنى الاتكاء على ركن ركين والارتباط بقدرة وهيمنة، مما لا يصدق على مجرد الترافع عند شخص، فإن قيل هكذا لم يتم الإطلاق في الآية الكريمة للمقام، وكذلك لا يتم الإطلاق في الآية لو فسر الركون بما فسر به المرحوم العلامة الطباطبائي (رحمه الله) في تفسير الميزان من أنه الاعتماد على شئ عن ميل إليه لا