إلا أنه قد يقال: لم يعلم كون المقصود من ذلك هو قاضي الجور.
وقد يجاب على ذلك بأننا نثبت كون المقصود من ذلك قاضي الجور بقرينة رواية أخرى حملت الحكام في الآية الشريفة على قضاة الجور، وهي ما عن أبي بصير " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول الله - عز وجل - في كتابه: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام) *. فقال: يا أبا بصير إن الله - عز وجل - قد علم أن في الأمة حكاما يجورون. أما إنه لم يعن حكام أهل العدل، ولكنه عنى حكام أهل الجور. يا أبا محمد إنه لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له لكان ممن حاكم إلى الطاغوت، وهو قول الله - عز وجل -: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) * " (1).
هذا. وقد يقال: إن رواية ابن فضال بعد حمل الحكام في الآية بقرينة رواية أبي بصير على حكام الجور تصبح معارضة للروايات الناهية عن الترافع عند حكام الجور بالتباين، وليست خاصة بصورة عدم إمكانية الرجوع إلى قاضي العدل كي تخصص روايات النهي بها، فلا يبقى فرق بين فرض إمكانية الرجوع إلى قاضي العدل وعدمها، وكذلك الحال في الروايتين السابقتين، فغاية ما يفترض فيهما هي الدلالة على جواز الترافع عند حكام الجور من دون وجود ما يدل على اختصاصهما بصورة عدم إمكانية الرجوع إلى قاضي العدل، فلا موجب لتخصيص النهي بهما، ولا مبرر للتفصيل بين فرض إمكانية الرجوع إلى قاضي العدل وعدمها.
والجواب: أن بعض روايات النهي عن الترافع إلى قاضي الجور خاصة بصورة إمكان الرجوع إلى قاضي العدل، كنفس رواية أبي بصير التي جعلناها قرينة