وعلى أي حال فيكفينا سند الشيخ الصدوق إلى محمد بن حكيم، فإن له إليه سندين تامين، ومن حسن الحظ أن أحدهما ينتهي بمحمد بن أبي عمير، وبهذا تثبت وثاقة الراوي المباشر للإمام في المقام حتى لو بقي مرددا بين محمد بن حكيم الخثعمي ومحمد بن حكيم الساباطي.
وأما من حيث الدلالة فقوله: " كل مجهول " يشمل بعمومه غير دائرة المباحات، فلا يرد عليه ما أوردناه على بعض الروايات السابقة من كون القدر المتيقن منها دائرة المباحات، والمفهوم من قوله: " فيه القرعة " هو حجية القرعة لا مجرد كونها قضية أخلاقية، أو قضية يمكن التراضي والتشارط عليها كما يمكن التراضي والتشارط على كل شئ آخر، وذلك لأن مجرد قضية أخلاقية أو قضية تتبع التراضي والتشارط لا تشمل غير دائرة المباحات، وهذا خلاف عموم الموضوع، أعني قوله: " كل مجهول ".
هذا وقد يناقش في التمسك بهذا الحديث: بأننا نعلم بالارتكاز أن القرعة ليست قاعدة يرجع إليها عموما في جميع موارد الشك فمثلا لو علمنا إجمالا بنجاسة أحد إنائين فلا أحد يفتي بتعيين النجس بالقرعة، ولو كانت القرعة حجة في الشبهات الحكمية على الإطلاق لما كانت هناك حاجة إلى الاستنباط بمراجعة الأمارات والأصول الشرعية، بل كنا نعين الحكم دائما في تلك الموارد بالقرعة، ومن البديهي بطلان ذلك إلى غير ذلك من النقوض وتخصيص الأكثر مستهجن فتبتلي الرواية بالإجمال.
وما قد يقال من أن مقياس العمل براوية القرعة هو عمل الأصحاب، إذ نعلم إجمالا بوجود ضابط للقرعة لم يصلنا وعمل الأصحاب في مورد ما يكشف عن انطباق ذاك الضابط غير واضح، إذ لا نتعقل وجود ضابط وصلهم يدا بيد من زمان المعصوم ثم اختفى علينا نهائيا ولو كان هناك ضابط فلعله كان ضابطا اجتهاديا لو