بطلب من المدعي، فيقال: إن أصل كون التحليف من الحاكم لا إشكال فيه، فلو الغي قيد طلب المدعي لزمت لغوية القيد المأخوذ في المنطوق. ولكن سيأتي - إن شاء الله - أنه يمكن المصير إلى رأي آخر، وهو أن تحليف الحاكم يجب أن يكون على أساس طلب أحد المتنازعين - إما المدعي، وإما المنكر - والمذكور في هذا الحديث هو طلب المدعي، ونفي طلب المنكر لا يكون إلا بالمفهوم.
الإشكال الثاني - أن غاية ما دلت عليه هذه الروايات أو بعضها هي أن سقوط حق المدعي بالحلف إنما يكون إذا كان الحلف بطلب من المدعي، ولكن كلامنا الآن ليس في ذلك، وإنما كلامنا في أن حكم الحاكم هل يتوقف على كون حلف المنكر بطلب من المدعي، أو ينفذ حكمه عندما يطالبه هو من تلقاء نفسه بالحلف من دون طلب المدعي؟ وهذا مطلب آخر لا علاقة لهذه الروايات به. أما حمل هذه الروايات على معنى سقوط حق المدعي بعد حكم الحاكم المترتب على تحليف المدعي، فهذا أخذ لقيد زائد وهو صدور الحكم بلا مبرر، وإنما المنظور لهذه الروايات هو سقوط حقه بمجرد تحليفه إياه، أي لا يحق له بعد ذلك أن يقيم البينة كي يجعل الحاكم يحكم وفق البينة، لأن اليمين ذهبت بحقه.
ويمكن الجواب على هذا الإشكال بأن المفهوم عرفا من هذه الروايات أنها تشير إلى الحلف الذي يصح للحاكم الاعتماد عليه في الحكم، فإذا دلت هذه الروايات على أن الحلف الذي يسقط حق المدعي هو الحلف الذي يكون بطلب من المدعي، إذن فقد دلت على أن ما يصح للحاكم الاعتماد عليه من الحلف إنما هو الحلف الذي يكون بطلب من المدعي.
القسم الثاني - ما ورد في الوظيفة بعد عدم امتلاك المدعي للبينة، وجعل الوظيفة هي استحلاف المدعي، وهو ما عن محمد بن مسلم - بسند تام - عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يدعي ولا بينة له، قال: " يستحلفه، فإن رد اليمين على